WELCOME TO PROMETHEUS

SHORT WORDS

أعتقِ النفسَ المسبِّية وأنفتِق عن بذرةِ الشر ليلًا ، ونادي أيا ظلامُ ألم ترى من الأمرِ شيئًا ؟

ARLETTE

I Was In The Darkness For So Long , So Darkness I Became

BLOG

The Darkness In Me , Is Her Salvation

-

الفصل الثاني عشر : ( وهم اللا مدى و منفى المنسيين )






اغرق اغرق .... السفينة تغرق ببطء

الجميع يظنني مجنوناً ولكنهم لا يعرفون هذا الشعور

كلهم يحيطون بي وكأنهم الواعظون

لا احد يعرف شعور امتلاء جوفك بالمياه

لا احد يعرف شعور النضال للحياة وسط الهلاك

ثقلٌ ارتمى على جسدي بهذه المياه المظلمة

رغم اني حاولت اغراق شياطيني

الا انهم لم يغرقوا .. فهم قد عرفوا كيفية السباحة

لذا استسلمت وتركت جسدي يغرق ببطء في هذه المياه

ريثما يدي امتدت ناحية الضوء الذي اخذ يتلاشى بارتياح

شعرت بي اهوي ناحية الفناء ولكنني ..

لم اجد شخصاً واحداً يحاول انقاذي

واحدٌ منهم دفعني الى اعماق المحيط

و وقف الاخرون يشاهدون نضالي بلا حراك

سكنوا وكأنما هم اصنام عافت الحياة

عيونهم ميتة وارواحهم اكثر موتاً

موتى وما بالنا بمن هو غير مدرك

ما الذي نتوقعه ممن لامسهم منجل الموت المسموم ؟

ولكنني ظننتك مختلفاً ، ظننتك ستهرع لانقاذي

ولكنك آثرت الضياع في عتمة الطريق الخاوي على ذلك

رغم انه كان بأمكانك انقاذي ، كان من الممكن ان اكون انا الذي تم انقاذه

ولكنني هنا ! ، جثة حية تتنفس تحت المياه !



قبل بضع ساعات
كانا في غرفة واحدة كلٌ منهما مشغول بما بين يديه ، رغم ان احدهما كان يتغزل بسيوفه الحادة والاخر يقرأ الكتب كما لو انها الطريقة الوحيدة للحياة ، لم يتوقعا القادم ولم يكونا على اهبة لتقبل اي عملٍ شاق في هذا الوقت لان الكسل استمال قلوبهما ناحية الركن البارد والمظلم من الغرفة
فاجئهما انفتاح الباب فجأة ، رفعا اعينهما ليجدا والدهما واقفاً بهيبة معتادة وعلى ما يبدو منزعج بعض الشيء من هذه الوضعية التي جلسا عليها ، قرض جيراهيم حبة البطاطس المقلية وهو ينظر باندهاش ناحية والده ، والاخر كان يقبل سيفه حينما دخل عليهما
صمت غريب ومثير للريبة حصل في تلك اللحظة ، حاول ساتان تجاهل الموضوع للوقت الحالي لان سبب قدومه الى هذا المكان لا يتضمن عقاباً .. هذه المرة على اية حال
اغلق الباب ودلف بهدوء محاولاً الابتسام رغم ان تعابيره تقول العكس تماماً ، وقف امامهما ليجلسا بشكل منتظم وقد تركا ما في يديهما وبان التوتر جلياً على كل جسدهما
ضاقت عينا ساتان للحظة ففزعا بشكل مضحك ، تنهد وهو يضع يده على جبينه مستسلماً لواقع ان ابنائه مجرد حمقى ... او اغلبهم على اية حال
اخذ نفساً ثم اردف بهدوء مصطنع
- اسمعا جيداً مهما كانت فصيلتكما من المخلوقات الطفيلية ، هناك مهمة مستعجلة اريدكما ان تنفذاها
تعجبا من كون المهمة مستعجلة ، لم يرغبا بالحديث لذا تركا والدهما يتابع حديثه بنفس النبرة قائلاً
- اذهبا الى عالم البشر الفانين واجلبا الجرذ الى هنا ، لا اهتم ان جلبتماه قطعة واحدة ام رجلاً فقط او حتى عينه السوداء فقط ! المهم ان تجلبا قطعة منه الى هنا ، ولكني افضل كاملاً تفادياً لرغبات آيـآمي الانتقامية
زاد التعجب على وجهيهما ، ازمع هيرو فقال
- نجلب ساسكي ؟ ، اليس هذا نادراً يا والدي ؟ اعني جلب البشر الى قصرك !
لمعت شرارة حمراء على عيني ساتان فانتفض هيرو واخذ يرتجف خائفاً ، اعقب ساتان بنبرة مرعبة
- لا يحق لمختل عقلياً يقبل سيوفه ويغازلها ان يستفسر عن اعمال العاقلين ، لذا نفذ المهمة بصمت هيرو ، والا حطمت كل سيوفك وجردتك من قواك لاربعة قرون !
لا يعلم لما شعر بالاختناق في تلك اللحظة ، هل هو بسبب سيوفه ؟ ام قواه ؟ ، لا يعلم ولكن ملامح والده كانت مرعبة اكثر من التهديد نفسه ، لذا آثر الصمت على الكلام مرة اخرى والا سيقاسي قصفاً ثلاثي الابعاد من كلام والده الجارح
اما جيراهيم الذي حاول التملص من الموضوع وتناول البطاطا فقد تلقى شعاعاً قاتلاً من ساتان حرق اصابع يديه ، تنهد ساتان والتفت للمسير ولكن جيراهيم اوقفه قائلاً
- والدي ، هل لي ان اعرف سبب جلب ساسكي ؟ ، اعني لا يعقل ان تفعل ذلك لان آيـآمي تريد رؤيته وحسب ! هناك امرٌ ما لا يزال مستوراً في الخفاء !
لم يعرف جيرا في تلك اللحظة هل ضاقت عينا والده ام اتسعتا ، كل ما حدث كان ظهور شبح ابتسامة على ثغر والده سرعان ما اتسع ليقول بهدوء وخبث
- لست ذكياً بعبث جيرا ، ولكن من الافضل للسفن ان تبقى بعيدة عن المقبرة مشمرة الساعدين
اتسعت نظرات جيرا للمكان غير مستوعبٍ لما يقوله والده ، سرعان ما اختفى ساتان من امام ناظريه غير آبه للتساؤلات في عقل ابنه
تنهد جيراهيم بقلة صبر ، التفت على هيرو ليصدم بما رآه ، لقد كان جالساً يعانق سيوفه ويبكي كالاطفال قائلاً
- لقد كان مرعباً اليس كذلك ؟ ، آسف يا صغاري لن اضعكم في مثل هذا خطر مرة اخرى
تحجر وجه جيراهيم لفترة ، صرخ بعدها بحدة وغضب
- لا تتصرف كالمختلين هيرو ! لقد ارقت ماء وجهنا امام والدي !
ضربه بقوة على رأسه ليتورم بعض الشيء ، امسك به وجره معه الى خارج القصر حيث فتحا بوابةً واتجها الى حيث هو ساسكي
من جهة اخرى كان جالساً على مكتبه بعدما سبب له كلٌ من ناروتو وايتاتشي صداعاً مزمناً ، اخذ يقرأ الاوراق وعيناه تحرقانه بعض الشيء من شدة الارهاق الذي عرض نفسه له في الايام التي خلت
تثاءب بقوة وقد تجمعت الدموع في عينيه من النعاس ، هز رأسه بقوة محاولاً طرد الكسل من جسده
حدث نفسه قائلاً ببعض الحنق
- ساسكي ! منذ متى اصبحت هكذا ؟! ، خيبت ظني في نفسي لذا توقف واعلن عن تفردك في ميدان الوحدة !
ابتسم بثقة وباشر العمل مرة اخرى ، ولكن صوتاً ما قد ازعجه وهو يقول بسخرية
- من الحب ما قتل ، او هذا ما يقولونه على اية حال ، فقد الاخ عقله الا تظن ؟
- بلى بلى ، لا استطيع لوم سيوف محطمة ان اختارت البتار عليه !
- اصمت لا يجب ان يعلم بما حدث !
- اووه يا الهي ، عذراً اميبا انا لم اقل شيئاً
- لقد تطور تصنيفه الان ! لم يعد اميبا بل جرذ
- آآه لا تزعجني جيرا ! كلهم طفيليات في النهاية
- اجل انت محق في هذا
لم تكن هناك ملامح واضحة على محيا ساسكي وهو ينظر اليهم ، اشاح بوجهه واكمل عمله وكأنما لا وجود لهما ، غضب هيرو من هذا التصرف واشهر سيفه وهو يقول مزمجراً
- لا تتجاهل حضوري جرذ اميبا !
لمع الجو من حول جيراهيم فجأة و اشتدت الحماسة في نفسه ليصرخ متحمساً
- لقد دمج فصيلتين في واحدة لينتج صنفاً جديداً من الحياة ! يا الهي ! هذا اكتشاف علمي يجب تدوينه !
تثاءب ساسكي مجدداً ، واكمل ختم الاوراق و تقليب بعض صفحات الكتب وهو غير مهتم للمصائب من حوله ، اتجه اليه هيرو و قطع جزءاً من شعره ، لم يأبه لذلك بل امسك بكتاب وصفع به على وجه هيرو وردد ببرود
- يا الهي لم اعلم ان البعوض يأتي في هذا الوقت من السنة ! احتاج الى مبيد حشري مضاعف الحجم لانه – على ما يبدو – البعوض اصبح ناطقاً ويحمل السيوف
تصّنم هيرو مكانه ريثما تفجر جيراهيم بالضحك عليه ، ارتشف ساسكي بعضاً من القهوة وبلا شعور منه سكب الباقي على رأس هيرو ليقف ويردد بغرور
- اسمعني ايها البعوضة الشاذة ، ان اتيت كي تشعل العداوة بيني وبين القرد الراقص فقد فاتك القطار ! العداوة بيننا مشتعلة منذ الازل ، وكذلك لمعلوماتك ايها السفيه ، ان فعل الاخرق شيئاً لفتاتي فسوف احول نهاره ليلاً وحياته جحيماً وانا اعرف السبيل لذلك ! والان اخرجا ان لم تملكا شيئاً مهماً لقوله
تمالك هيرو اعصابه واعاد سيفه الى غمده قبل ان يقطع ساسكي الى قطع لا ترى بالعين المجردة رغم ان ظلاً اسود كان يغطي وجهه الا ان جيرا كان بأمكانه القول بأن ملامحه مرعبة الان
تنهد جيرا مستسلماً ثم اردف وهو يلعب بشعره الفضي
- طلب منا والدي ان نجرك معنا كالكلاب الى عالم الشياطين ، لا اعلم لما ولكننا سننفذ المهمة
دُهش ساسكي بعض الشيء من هذا ، حاول ان لا يظهر ذلك على وجهه ولكنه سرعان ما قال بدافع الفضول
- وهل يروي المطر وحسب ظمأ الصحراء ؟
لعب جيراهيم بشعره بشكل مرعب وهو يقول متململاً
- وما ادراني ايها الشاعر المخضرم ، اخبرنا انت !
قهقه ساسكي بغرور ليعقب بعدها بنظرات مرعبة وابتسامة شريرة
- هكذا اذاً ! كنتُ اعرف بأنكما مجرد خرافٍ يقودها راعيها اينما اراد ، عديمة القيمة والمنفعة الى ان يريد صاحبها ان تكون كذلك وفوق هذا عديمة العقل ! لم اكن اتوقع شيئاً من خروف اسود قبيح و آخرٍ شاذ و طفيلي !
ربما كان من سوء حظهما كون ساسكي في مزاج سيء اليوم ، فقد قام للتو بأراقة ماء وجههما المتبقي ، اعينهما انبلجت على اقصى اتساع و جفت حلوقهما فجأة ، ترجعا القهقرى غير مصدقين حتى اصطدما بالجدار وهما يضعان ايديهما على قلبيهما ، تقدم ساسكي منهما بشرارات حمراء تتطاير من عينيه وقال وهو يسند يده على الجدار
- والان جراني كالكلاب يا اسيادي النبلاء ، ربما تتفضلان وتعطيان هذا الكلب المسكين بعض فتات الخبز كذلك !
لعناه من اعمق نقطة في قلبيهما ، فرقع جيراهيم بأصابعه فانتقلوا فجأة الى حيث عالم الشياطين او بالاحرى داخل القصر ، حالما شاهد ساسكي المكان الذي وطأته قدماه حتى اسرته الدهشة بشكل لا يتصوره احد
تراثٌ اثري فائق الجمال ، النحوت القديمة على الجدران و الاثاث المذهل بالاضافة الى مختلف التحف النادرة واللوحات الفنية ، دُهش من المكان الذي يعيش فيه اشخاصٌ كهؤلاء
امسكه جيراهيم من يده وجره ناحية البهو العظيم ، ريثما هيرو يحاول كبح رغبته في قطع لسانه وفقأ عينيه
خرج ساسكي من طور الدهشة حالما استشعر حضور ساتان القريب توقفوا فجأة واجبروه على الانحاء احتراماً ، كان شأو ذلك على نفسه عظيماً ، اخذ نفساً ورفع عينيه لينظر الى ساتان الجالس بجبروت مرعب على عرشه وكينوته المظلمة تحاكي الاجواء ريبة
كان يرخي رأسه على يده المتكأة على ساعد الكرسي وقد وضع قدمه على الاخرى ، كعادته يبدو كالملوك بالفعل
ابتسم بخبث حالما شاهد دهشة ساسكي وخوفه ، اشار الى ولديه فذهبا وبقي لوحده مع ساسكي
زيف ابتسامة خرقاء وقال والجو يتلألأ من حوله
- جرذي الوسيم ، اهلاً بك في قصري ، هل تريد بعض الشاي ؟
هز ساسكي رأسه نافياً ، شعر ساتان بالاحباط بعض الشيء ولكنه انتقل الى قوله التالي
- تبدو خائفاً كالسنجاب الذي يرتجف في فصل الشتاء ، ربما علي ان ادفئك يا صغيري ، هل تريد جحراً ؟
اشاح ساسكي بناظريه بعض الشيء واردف ساخراً
- ربما عليك ان تضع الطفيليات التي انجبتها في جحر اولاً
اصبحت عيون ساتان مرعبة ، قال بقليل من نفاذ الصبر
- فعلتُ ذلك منذ دهور ولم يكن ذلك كافياً لترويضهم ، لذا حبستهم في الزنازين و عذبتهم لبضعة قرون حتى جفت الدماء من اجسادهم وربما حرقتهم احياء بعض المرات والقيتهم في بحيرات متجمدة شبه عارين ، لا اتذكر حقاً
شعر ساسكي بالخطر يتهدده من كل الجهات ، حاول ان يبدو شجاعاً فقال ببعض الانفعال
- هل تحاول تهديدي ؟
اتسعت عينا ساتان فتدمر الجدران من خلف ساسكي ، التفت مرعوباً الى الجدار الذي تحول الى غبار في اقل من ثانية واحدة ، ازدرء ريقه وصمت وهو يطأطأ رأسه مرعوباً
اعقب ساتان ببرود مرعب
- لا تعض اليد التي تطعمك ايها التافه ، لا اعلم من اين تأتي بالشجاعة حتى تنظر في عيني مباشرة ! اعرف مكانك والا اودى بك ذلك الى نهايتك
لم يرى ساتان ذلك ولكن عينا ساسكي كانتا ترتجفان من الخوف ، لا يعلم لما يشعر بالرعب من هذا الرجل الماثل امامه ، كل ما يعرفه هو انه يرى الموت حالما ينظر اليه ويشاهد ظلمة لا يمكن لاحد احتمال قربها ، كما ان البرد القارس بجانبه يجمد جسده بالكامل فيحيله غير قادر على الحراك
اخذ نفساً عميقاً ثم رفع عينيه مجدداً والخوف لا يزال بادياً عليهما ، رقّ قلب ساتان لحاله واراد لو يقتله ويخلصّه من معاناته ولكن حبالاً تطوق رقبته وتمنعه من تنفيذ حكم الاعدام عليه
اردف ساسكي بقليل من الشجاعة والصراخ
- لا تستهزاً بي !
لم يحدث شيء الا ساتان الواقف امامه والذي طوق رقبته بيديه وراح يضغط بشدة حتى بدأ يشعر بعظام رقبته تتفتت ، لم تكن هناك ملامح في عيني ساتان ، بدا ميتاً وغير موجود في تلك اللحظة
ترك ساسكي بعدما عرف ان لا فائدة فيما يفعله وسار بعيداً عنه وهو يقول
- لابد وانك رأيت صفاتي في ابنتي كذلك ، هي اكثرهم شبهاً لي في كل شيء ولكنها لا تحب ان تظهر ذلك
- ولما هذا ؟
- لانها تريد ان تعرف لكونها اوتشيها آيـآمي ، وليس ابنة ساتان
- لا استطيع ان اقول بأنها اجادت اخفاء ذلك ، فهي متوحشة مثلك ، ولكن لهذا احبها
ابتسم ساتان بثقة على جملة ساسكي الاخيرة ، التفتت ناحيته ثم قال بغطرسة واضحة
- لابد وانك شاهدت الجانب المغرور فيها ، الثقة الكبيرة ، الاستهانة بالخصم ان كانت غير مهتمة به ، وربما حتى ساديتها في تعذيب الاخرين ، ربما لم تشاهد جانبها الماسوشي بعد ! ولكنك ستشاهده في وقتٍ لاحق
- تتحدث بغطرسة وكأنك تعرفها بشكل مثالي
- بالطبع ! فأنا قد شاركتُ في تربيتها في النهاية وهي قد ربت اخوتها السبعة كذلك
- هه وكيف يعقل ذلك ؟
- في الفترة التي كانت فيها تعيش هنا ، قلبت موازين وقت عالمنا لتصبح السنة في عالم البشر مئة سنة في عالم الشياطين وكونها عاشت بضع سنوات هنا اصبت مئات السنوات رغم ان جسدها نمى على توقيت عالمكم
- وما علاقة هذا بكونها ربّت اخوتها ؟
- اعني بهذا روضتهم ، كانت متوحشة بشكل مرعب حتى انهم اذعنوا لما كانت تقوله
- استطيع تخيل معاناتهم ، المساكين
- لما اشعر وكأنك تتحدث معي بقلة احترام ؟!
صمت ساسكي وفضل ابقاء لسانه داخل محجره والا فقده في لحظة غادرة ، انحنى لساتان كأحترام ومن ثم عاد للوقوف بشكل مستقيم
ابتسم ساتان بسخرية وظهر فجأة امام ساسكي وهو يضع يده على وجنته وينظر اليه بعينين محمرتين من الغضب
- اسمعني جيداً اوتشيها ، لا احب ان تعصى اوامري ولا احب ان ارى شيئاً امقته امامي ، ان اردت ان تكون مما احبه فافعل شيئاً واحداً ، لا تظهر الخضوع لاحد حتى لي ! اثبت جدراتك بأن تكون برفقة حامل دمي !
تركه وابتسم بهدوء واشار له بالذهاب ناحية آيـآمي ، لم ينحي بل سار بثقة مصطنعة حتى خرج من نطاق ساتان وهو يشعر بأمان غريب في شرايينه








في الوقت الحالي

ابتعد عنها لينظر في عينيها بهيام ، عانقها بقوة وهو يستشعر قربها منه ، تركها بعد فترة وهو يبتسم بسعادة حتى توردت وجنتاه ووضع جبينه على جبينها بهدوء ، تذكر امراً فابتعد وهو يهزها من كتفيها بشكل هستيتري ومضحك ليصرخ مردفاً

- آيـآمي ! قولي لي ما الذي فعله ذلك القرد الراقص لك ؟ ، لا تقولي لي بأنه ..

- لاااااا اصمت ايها المنحرف ، لم يحصل شيء الا ...

- ماذا ؟

- لقد قام بتقبيلي

- ها ؟!!

شعر بأن الدنيا تدور من حوله ، اراد فقط امساك كازو من رقبته و القضاء عليه ، امسك اعصابه ثم ابتسم بغرور ليقول

- اذا فقد طهّرتُ شفاهك من آثاره الضحلة

- الست قاسياً ؟

- لما تقولين هذا ؟ لا تقولي بأن قبلته قد راقت لك ؟!!

توترت واشاحت بنظرها الى الجهة الاخرى ، امعن النظر اليها بنظرات متفحصة فتعرق وجهها بشدها وبدا التوتر جلياً عليها

صرخ بقهر منها وراح يلعب بشعره ، اتجه الى احد اركان الجدران ووجلس عندها وهو يلعب بأصابعه على الارض محبطاً ، حاولت التخفيف عنه ولكن الاحباط لا يزول

ولكنها استطاعت ان تسمع قهقهات ساسكي المهيبة وان تستشعر الظلام المحيط به حالما وقف وهو يبتسم بشّر الشياطين متوعداً كازو

ابتسمت ببلاهة عليه و ابتعدت بضع خطواتٍ عنه حتى تكون بمنئى عن خطره المحدق ، هدأ بعد فترة و عاد طبيعياً مجدداً ، شعرت ببعض الامان ولكنها لم تترك الحذر ، فربما يحاول الانتقام منها كذلك ، من يعلم ؟

اشارت اليه فاقترب منها وبدئا يسيران في ارجاء القصر وهما يتبادلان اطراف الحديث وريثما هما يسيران واذا بآيـآمي تتوقف فجأة ، تفاجئ ساسكي من هذا وظن بأنها تنظر الى امرٍ ما فنظر ناحية بصرها فأذا هو الفراغ وحسب

لم تستطع الحراك وكأنما هي قد شلت للحظة ، بدأت الرؤية تخفت في عينيها وهي تشعر بمياه ما تغور في جوفها فتمنعها عن التنفس ، حاولت الصراخ ولكنها لم تستطع ، وضعت يديها على رقبتها وهي تحاول التنفس حتى جثت على ركبتيها

هرع ساسكي ناحيتها وامسك بها من كتفيها وهو يصرخ باسمها ، لم تشعر به ولكنها سعلت بقوة ، لم يصدم الامر ساسكي ولكن ما صدمه كان المياه التي تخرج من جوفها كلما سعلت

شعر بحرارة جسدها تنخفض بسرعة رهيبة وقد اصبحت متجمدة تقريباً وهي لا تزال تسعل بقوة

توقفت فجأة كالتماثيل وهي تنظر الى السقف بعيون غير مدركة لما يحدث ، مدت يدها ناحية الفراغ وهي تردد بتعب

- ما كان على الظلمة ان تقترف ذلك الذنب ، ما كان على الحياة ان تتوقف عن ذلك الحد ، هاوية النسيان هنا وستجدكم مرة اخرى كما فعلت لساتان نفسه من قبل !

تعجب ساسكي من قولها ، اراد التحدث ولكنها شهقت بقوة فجأة وكأنما هي تستيقظ من نومٍ عميق ، نظرت في الارجاء بخوفٍ ثم وقفت محاولة الابتعاد عن ساسكي ، لحق بها واوقفها من يدها وقال بقلق وصراخ

- لما تحاولين الهرب ؟! ما الذي حدث لكِ الان ؟ ، اشرحي الامر لي !

قلبها ينقبض بقوة ويألما وكأنما هي جلطات متتابعة تصيبها ، انتشلت يدها من قبضته والتفتت اليه بغضب لتردف

- لا اعلم ما يحصل لي ولا اريد ان اعلم ، ساسكي عُد الى عالم البشر ، بقاؤك هنا خطر عليك

- ما الذي تقولينه بحق الله ؟!! كيف يمكنني ان اتخلى عنكِ واذهب ؟

- ليس من اجلك ولا من اجلي ! ولكن يجب عليك الذهاب

- توقفي عن قول الترهات ! لن اتركك

عضت على شفاهها بقهر ، التفتت وسارت في طريقها وهو يحاول اللحاق بها ، شعر بالغضب منها فأوقفها مجدداً وكان يريد ان يضربها ولكن يداً ما اوقفته في تلك اللحظة ودفعته بقوة ناحية الجدار

تألم ظهره بعض الشيء ، فتح عينيه ليجده بملامح مرعبة امامه ، اقترب منه واطبق على متنفسه بشكل هستيري وهو يحاول ان يحطم يديه

ملامحه جبروتية مرعبة و عيانه تلمعان بحمرة قرمزية دموية ، قال بصوتٍ خالٍ من الاحساس

- سأقتلك !

شد على رقبته ويده ، شهقت آيـآمي وازمعت ناحيته محاولةً ايقافه ، صرخت بقوة وهي تمسك بيده محاولة ابعادها عن ساسكي الذي شارف ان يفقد وعيه

- ما الذي تفعله بحق الجحيم كازو ؟ توقف ! انت تقتله !!

لم يجبها بل اكمل ما كان يفعله ، لم ترا بداً الا ان تستعمل القوة في هذه الحال ، قامت بصفع كازو بقوة على وجهه فترك ساسكي مصدوماً ، التفت اليها بملامح شبه بلهاء وكأنما هو استيقظ من غفلة عميقة

نظر الى يده التي ترتجف بقوة والى آيـآمي التي تتنفس بسرعة وساسكي الذي راح يسعل مختنقاً

شد على قبضته و زمّ على شفاهه ليسير مبتعداً عنهما ، ارادت آيـآمي ان تلحقه ولكن ساسكي بالنسبة اليها اهم الان من غيره

اتجهت ناحيته وعانقته بقوة لتقول بقلق واضح

- الم اقل لك ! البقاء هنا خطر عليك !

بادلها العناق بابتسامة خرقاء وهو يردد بصوتٍ مخنوق

- ذلك الاحمق ، ما الذي حصل له ؟

- لا اعلم ، ولهذا يجب ان تذهب

- ليس بدونك !

- لن ارحل عن هنا الان ! بقائي شيء ضروري من اجل الجميع

- لا افهم حقاً ما ترمين اليه ولكن ...

- ستذهب ! سأطلب من تشيتوسي ان يعيدك ، لن احتمل ان تبقى وسط قطيع الذئاب

- بذاكرة او بدونها انتِ مزعجة بالفعل

- هذا شيء لن يتغير اليس كذلك ؟

- بالفعل

بعدها قامت بنداء تشيتوسي الذي بدوره فهم مجريات الاحداث و رافق ساسكي المُكره الى عالم البشر مرة اخرى بعدما حضي بزيارة ثمرتها ان رقبته المغرية ستسبب بموته يوماً ما









دخل مرة اخرى الى غرفته واغلق الباب بقوة ، استند عليه و تزحلق حتى جلس على الارض وهو لا يزال يتنفس بسرعة مهيبة ويمسك بيده التي ترتجف بقوة مهيبة ، لم يستطع ان يستكين او يهدأ من روعه مطلقاً ، الغضب في داخله يشتد ولا يستطيع ان يتحكم به بشكل مثالي بعد

رفع رأسه واسنده على الباب وهو يتلوى من الكرى والطغيان على نفسٍ لم يقبل بها الموت ليكون لها ملاذاً نهائياً

عضلاته كلها شُدت في لحظة مما سبب له الماً لا يحتمل ، كبته واخرج شهقة واحدة خفيفة حتى لا يعرف احدٌ ما يعانيه

كل نصف قرن يحصل هذا ولا يمكنه الا ان يتحمل مجرياته ويكون ضحية لعنة غير زائلة ارساها الم الماضي و خبايا المستقبل

لم يكن يعلم بالتي هي واقفة خلف الباب تضع يدها عليه وتستمع الى انينه الحزين ، غطى شعرها وجهها حتى ما عاد يظهر من ملامحها شيء ، لن يفتح الباب حتى و ان طلبت منه ذلك لذا قررت ان تتخذ الاجراءات الضرورية لفعل هذا

ابتعدت بضع خطواتٍ عن الباب وشت على قبضتها بقوة ، كانت غاضبة وهذا واضحٌ من عينيها اللاتِ يطلقن شراراً اسود

في ومضة عين لكمت الباب بقوة بقبضتها ليتحطم ويطير كازو ملتصقاً بالجدار ، دلفت الى الغرفة لتجده يمسح على رأسه والصدمة لا تزال بادية على وجهه

وقف بغضب ليراها امامه ، رغم ان غضبه خفت الا انه لا يزال موجوداً ، اتجه ناحيتها وجرها من ياقة ملابسها وهو يصرخ في وجهها

- ما الذي تظنين نفسك فاعلة ؟

امسك بيده وهي تضغط عليها لترد عليه ببرود

- احاول ان اخفف الم فراقك لوالدك ايها الطفل البكاء

اثارت غضبه بشدة ، شد ياقة ملابسها بشكلٍ اقوى وهو يقول بنفس النبرة

- اتحاولين السخرية مني يا فتاة ؟!!

زمّت على شفاهها وزفرت بحدة لتعقب قائلة بنفس البرود

- اهذه هي لغتك ؟ الصراخ وحسب ؟ ، انت بالفعل سفيه من السفهاء ايها البتار !

لم يعد يحتمل ، الغضب قد سيطر عليه تماماً واعماه عن كل ما حوله ، بدون ان يشعر صفعها بقوة على وجهها حتى ادمت شفاهها رغم انها لم تحرك ساكناً ولم تُبد اي علامة على الصدمة ، بل كانت ملامحها هادئة جداً وغير مكترثة

ادرك فعلته وبدأ كامل جسده بالارتجاف ، بانت الصدمة على ملامحه وهو غير مصدق لما اقترفته يداه للتو ، اقترب منها و احاط وجهها بيديه وعلامات الحزن والاسى قد جلت عليه ، وضع جبينه على جبينها وهو يردد بجسد مرتجف

- لم اقصد فعل ذلك ، اعذريني آيـآمي

شعرت بشيء ما في داخل كازو ، زوبعة من الاوهام تسيطر عليه ، لم تجبه فشعر بأنها في طور الصدمة ، تركها والتفت ليعطيها ظهره ، وضع يده على وجهه وهو يحاول ان يلتمس لنفسه اي عذر لطردها حتى لا يؤذيها مجدداً ، اعصابه مشدود وعضلاته لم تستطع ان ترتخي بعد وتنفسه اضحى اسرع من السابق

ضاقت عيناها فتحركت ناحيته حتى وصلت اليه وشعر هو بها خلفه ، وضعت يدها على ظهره ذي المكنبين العريضين واسندت رأسها عليه ، قالت بصوتٍ هادئ

- اهدأ ، اطرد جميع الافكار من عقلك ، اترك جسدك ينقاد مع التيار ببطء ، خذ نفساً عميقاً جداً وانفثه بحذر ، ارخي جميع عضلاتك واستمع الى نبرة صوتي فقط ، لا يوجد شيء يستحق القلق لاجله ، فقط دع كل المشاكل تطفو بعيداً عكس التيار الذي يجرفك معه

كان ينفذ كل شيء حالما تقوله ، لم تكن تعلم بأن صوتها فقط ارخى عضلاته وجعل همومه تختفي في لمح البصر ، وريثما كانت تأمره كانت يدها تسير على خط ظهره حتى وصلت الى المنطقة المجاورة لاسفل الظهر ، ضغطت عليها بأصبعيها فشعر بالخدر في كل عضلاته

اكملت هي حديثها قائلة بنفس الوتيرة

- الالم ليس الا طاغية يتغذى على يأس ساكنيه ، صندوق اسود يعتصر احلام الخائبين ، ليس الا منظاراً ينظر منه الذين فقدوا طريق الرشاد ، حياتنا نحن الشياطين مثل البشر ، مليئة بخيبات الامل ومليئة بالضعف والانكسار والهلع والجزع ، نتحمل ونشقى ونناضل وفي النهاية سننال ما نريده ، لا تدع الالم يستبد بك فتفقد السيطرة على اعصابك ، هناك دائماً ذلك الشيء الذي يهدأ روحنا ويجعلنا نشعر بالسكينة والانتماء ، لذا جد ذلك الشيء كازو ، لا تترك نفسك عرضة لما يتعرض له الموتى في جوف قبورهم ، انت مختلف ! انت مميز ! انت من يتحكم وليس الالم ، قاوم وستنتصر في النهاية ، لان السلحفاة ما كانت لتنتصر على الارنب لولا مقاومتها لجاذبية الاستسلام

لم يشعر بهذا الشعور من قبل ، هذه السكينة وهذا الامل ، لاول مرة منذ فترة طويلة يشعر بهذه الراحة ، وكأنما كل هموم الدنيا قد ازيلت من على كاهليه واصبح حراً من سلاسل العذاب النفسي الذي القى فيه بنفسه ، هذا ما احتاجه على الدوام ، شخصٌ يقف بجانبه و يخبره بعدم الاستسلام للالم ، لم يفعل احدٌ هذا له على مر العصور لذا هذه اول مرة يتغلب فيها على الالم التي يصاب به كل نصف قرن

لحظة ، بل كانت هناك تلك المرة التي استطاع فيها شخصٌ ما ان يوقف المه ولكنها كانت المرة الاولى والاخيرة ولم يستطع ذلك الشخص ان يفعلها بعدها

ابتعدت آيـآمي عنه ليلتفت اليها بابتسامة هادئة ،اقترب منها ووضع رأسه على كتفها ليترك شعر رأسه ينسدل بخفة على وجهه

لم ينبس ببنت شفة بل آثر الصمت على الحديث ، تركته هي على حاله حتى ابتعج بعد فترة وعادت ملامحه باردة غير مفهومة ، اتجه ناحية فراشه وجلس عليه ، ابتسمت هي والتفتت لتخرج من الغرفة ، ولكن صوته استوقفها قائلاً بهدوء

- آيـآمي ، شكراً لك على كل شيء

- لا عليك

- وبالمناسبة ...

- ماذا ؟

- احـ ... لا لا شيء مطلقاً

خرجت من الغرفة وتركته مستلقياً على فراشه بهدوء محاولاً طرد الكوابيس التي ستعصف بذهنه هذه الليلة






في جنح الظلام و في باطن الارض ، الدهاليز التي احتوت اوبئة الموت طوعاً ، واصوات صرخات الضحايا تترد فيها في منتصف الليالي المقمرة ، حيث تنبأ بعاصفة هوجاء ستقلب موازين العالم
امسك بشمعدان ذهبي تحتله ثلاث شموع اضاءت له الطريق وسط السلاسم الحجرية المتآكلة حتى وصل الى الزنانزين الجحيمية اسفل القصر
وضع الشمعدان جانباً ليدخل يديه في جيوب بنطاله و يبدأ التصفير ريثما يسير مسترق النظر لكل جسد معلق على الجدران ، ويستمع الى انينهم الواهي واصوات وقع دمائهم على الارض
توقف عن احدى الزنانزين لينظر الى ما خلف قضبانها ، فتاة ذات شعرٍ ليلكي داكن ، عينان فضيتان ، ترتدي فستاناً احمر كلون دمائها
معلقة بسلاسل الحديد على الجدران وقد ادمتها الجراح من كل مكان ، تبكي بصمت وسط العتمة حتى جفت عيونها من الدموع
ابتسم وفتح الزنزانة ليدلف اليها وترفع ناظريها اليه مرتعبة ، حالما شاهدت عيونه الذهبية ارتجفت وشعرت بالموت يتسلل ببطء الى شرايينها
شحب لونها وبدأت ترتجف بشكل مربك ، وقف امامها بابتسامته الشيطانية وقال بطريقة ابليسية
- مرحباً صوفيا ، كيف هي احوالك ؟ ، اتيتُ للاطمئنان علي يا ملاكي
لم يستطع ان يسمع اجابة منها ، نظر اليها بجدية لتنتفض بشكل اكثر رعباً وتردد بصوتٍ واهن
- اخرجني ...
صوتها كان منخفضاً جداً لذا لم يتيقن مما قالته ، اردف ببعض الغضب المترافق مع ابتسامة
- اعيدي ما قلتيه
استجمعت قواها فصرخت بألم وحدة
- اخرجني من هنا ! انا لم افعل لك شيئا ! اريد الخروج !
اختفت الملامح من وجه اراشي واصبح مرعباً بشكل اكبر من اي وقتٍ مضى ، ترنح بعض الشيء والبرود يحتل ملامحه حتى قام بصفع تلك الفتاة بقوة مهيبة احدث اربعة خدوش في وجنتها على عدد اصابعه المستخدمة في الصفعة
نزفت بشدة من تلك الصفة والجروح و تلوت من الالم وهي تبكي بحرقة ، اردف ببرود الجليد
- اخبريني عن الكونتس ويلنغتون وسأتركك
- قلت لك لا اعرف شيئاً
- كاذبة ! اعرف بأنك ابنته غير الشرعية لذا لا تتفوهي بالترهات
- وكيف عرفت ذلك ؟!!
- وهل تظنين بأن مثل هذه الامور ستسعصي علي انا ؟!
- ولكن ...
- اجيبيني ... اين اخفى والدك الحقير خنجر دانيال بلود ؟
- لا ... اعلم ... انـ ..
- هكذا اذا ! انتِ جنيتي على نفسك
امسك بسكين صغيرة وقام بعمل فتحة في رقبتها ، ادخل يده منها الى داخل حنجرتها واطبق على احبالها الصوتية
اخذت تشهق بشكل مخيف وهو يردد بابتسامة
- هل تشعرين ببرودة يدي على احبالك الصوتية ؟ ، حسناً قريباً ... لن تشعري بذلك
قبل ان تسنح لها فرصة الحديث اقتلع احبالها الصوتية من عنقها وناثرها على شعرها حيث تطلخ بالدماء وهي غير قادرة على النحيب ، ابتعد قليلاً وهو يقول
- والان علي انتظار شفائك حتى تتمكني من الحديث !
- لا داعي للتعذيب ايها الاخ الاحمق ، استعمل وسامتك
التفت اراشي لمصدر الصوت ليجد كاريو واقفاً عن الجدار يطعن نفسه بسكين زرقاء اللون ، شعر ببعض الانزعاج منه وقال بحدة
- وما الذي تريده انت مني ؟
تعجب كاريو من مزاجه النزق ، انتشل السكين من بطنه واقترب من اراشي ليطعنه في رأسه وهو يقول ببرود
- احمق لا تتحدث معي بهذه النبرة المزعجة ، لستُ سفيهاً يا متحذلق
انتشل اراشي السكين من رأسه وصرخ بقوة
- اتسمي هذه اخوة ؟ لما علي ان اكون معك انت ايها الاحمق ؟ اريد تشيبي – شان وليس انت !
لم يهتم كاريو لما قاله اراشي ، تنهد بعمق ليردف بعدها
- اراشي ، اتتذكر آخر حفلة لعيد ميلاد والدتنا ؟
توقف اراشي عن الصراخ و تحول الى الجدية حالما سمع حديث كاريو ليعقب ببرود
- اتعني اليوم الذي ذبحناها فيه كالاضاحي ؟
- اجل ذلك اليوم !
- وما الذي جعلك تفكر فيه بحق الجحيم ؟
- اليوم هو الذكرى الالفان وخمس مئة وواحد وسبعون لموتها
- ماذا ؟! مر هذا الوقت الطويل ؟ ، استمتعنا بتعذيبها لآلاف السنوات لابد وانها حانقة الان !
- كنتُ اتمنى ان تعيدها الى الحياة مرة اخرى
- ولما ؟
- ولماذا ايها الاحمق ؟ حتى نعذبها مرة اخرى بالطبع !
- لا اعتقد بأن والدي سيروقه الامر
- لا بأس بعقاب منه او اثنين ان كنا سنتقل امي مجدداً
مرت بعض صور الذكريات على ذهن آراشي فجأة ، ضاقت عيناه بجدية والم وقال بابتسامة حزينة
- اجل ، انت محق في هذا
تذكر امراً ما ، التفت ناحية كاريو بسرعة وقال ببعض القلق
- كاريو ، هل عينك بخير ؟ سمعت بأن نوبة قوية اصابتك
لمس كاريو عينه المغطاة بعصبة العين بأطراف انامله ، غطاها بخصل شعره ثم قال بجدية
- اجل لا تقلق علي ، سأكون بخير حالما اجدٌ حلاً لتجريد نفسي من هذه اللعنة
- لا تقلق ، سأجدُ حلاً ، لازلت في خضم الدراسة ولكني استطعت تحقيق بعض التقدم
- جيد ، انا ممتن لك
- لا تقلق ، لطالما كان الوضع انا وانت وحسب
- لا تحول الوضع الى دراما سخيفة
- لن افعل
- ولكنك محق في هذا ، لطالما كنا انا وانت وحسب
- الم اقل ذلك للتو ؟
- اصمت


________________________________________


الى اين سنرحل من هذا المكان ؟

الى اين سنذهب ؟

هل نحن عميان ؟ اخاف ذلك

كيف نعرف الى اين نحنُ ذاهبون ؟

هل نحن ضائعون ؟ الى اين سنذهب ؟

كيف سنهرب من هذا الوهم ؟ كيف لن نوجس خيفة من انفسنا ؟

هل نحن عميان ؟ هل نحن صم ؟ هل نحن بكم ؟

الى اين سنذهب ؟ حالما نتحرر ؟ الى اين سنهرب من هذا المكان ؟

اشعر وكأنني اسقط من السماء الى الهاوية !

اشعر بالفراغ .. بالوحدة .. الالم والبرد

لا تتركني اذهب ! اياك ان تتخلى عني !

استعاد وعيه حالما ادرك توقفه امام قصر ساتان ، شعر بالذعر من نفسه وهو يتذكر تلك الكلمات التي قالها له شخصٌ عزيزٌ على قلبه من قبل ، وضع يده على قلبه لتلمع عيناه الذهبيتان ويقول بحزن

- آلبيرت ، اي حقيقة تخفيها خلفك ؟

حالما انتبه الحراس على وجوده حتى انحنوا احتراماً له ، حياه احدهم بقوله

- اهلاً وسهلاً بك آيريس – ساما ، تفضل بالدخول ان احببت

- شكراً لك ثالون ، واصل العمل الدؤوب

فُتحت البوابة ودخل آيريس لداخل نطاق القصر ، ازمع بشعور مهيب داخل القصر لمقابلة ساتان الذي تختفي اسرار الكون خلفه

حالما وصل الى البهو العظيم وجده واقفاً يطالع صحيفة ما بين يديه ، انتبه ساتان اليه فالتفت مسرعاً لينحني آيريس احتراماً له

ابتسم ساتان وقال بهدوء

- قف آيريس ، لا داعي لان تنحي لي بهذه الرسمية ، انت بمثابة ابن لي

وقف آيريس متعجباً ليقول

- اذا فأبنائك لا ينحنون اجلالاً لك ؟!

لمعت عينا ساتان بالشّر المطلق ليعب بخبث

- ان لم ينحنوا لي لكسرت رؤوسهم والقيتهم في الجحيم لسبعة قرون على الاقل ، ولكنك انت مختلف !

انتفض آيريس فزعاً منه ، سرعان ما ابتسم بهدوء ليردف قائلاً

- ساتان – ساما ، انا هنا كي اسألك سؤالاً !

بدا وكأنما ساتان قد ادرك ماهية السؤال الذي يختلج في صدر آيريس ، اغمض عينيه وقال بهدوء

- اسأل آيريس

ازدرء آيريس ريقه وقال بصعوبة وقلق

- ما هي اخبار البيرت ؟ هل استفاق ؟

ظهر بعض الانزعاج على ملامح ساتان ولكن آيريس لم ينتبه لهذا ، اردف ساتان ببرود

- لم يعد علاج البيرت بعهدتي ، لقد تسلمه كازو قبل ثلاث مئة سنة تقريباً وعلى ما يبدو فقد وصل الى طريقٍ مسدود

ظهرت الدهشة على ملامح آيريس ليردف بغير تصديق

- كازو ؟! هو من تسلم علاجه ؟! امر عجيب !

رمقه ساتان ببعض البرود ، ثم ابتسم ليقول

- كانت تلك اول مرة يبالغ في طلب فعل شيء ، ولكني لا الومه فـ آلبيرت .. كيف اصيغها .. مميز جداً ! حتى اني ظننته واحداً من ابنائي لرائحة دمه المميزة

قطب آيريس حاجبيه ، شعر بالخوف مما يوشك على قوله ، ولكنه استجمع شجاعته وقال

- قد ابدو مجنوناً ساتان – ساما ، ولكن آلبيرت يشبه آيـآمي كثيراً !

اتسعت عينا ساتان بقليل من الدهشة ، اردف متعجباً

- ما الذي تقصده ؟

ارتبك آيريس ، حاول ان يفسر الامر فقال

- لا اعني شكلياً بل في طريقة الحديث ، و مضمون الحديث ، وحتى في النظرات وتعابير الوجه ، حينما غضبت آيـآمي في الحفلة ، شعرتُ بأنني انظر الى آلبيرت ولابد من ان كازو شعر بذلك كذلك

وضع ساتان اصبعه تحت ذقنه واخذ يفكر ، ضاقت عيناه بانزعاج وقرر ان يحقق بالامر لاحقاً ، التفت لـ آيريس وقال بقليل من الخبث

- انسى الامر للان ، اذهب لرؤية كازو ، لابد وانه سيريد رؤيتك ، خصوصاً وانه عاد لكونه رقم واحد البتار !

تذكر آيريس هذا الامر، شعر بالشر يجري في عروقه فجأة ، ساعدته ملامحه الخبيثة في ابراز الافكار الابليسية التي روادته في تلك اللحظة ، ابتسم حتى بان ناباه الشيطانيان وقال وهو ينحي

- كما تأمر ساتان – ساما

اراد السير ولكن ساتان استوقفه بأن اشهر خنجراً صغيراً ووضعه امام جبهة آيريس حتى لمسها وظهر خط دماء قرمزي على وجهه

ظهر ظل ازرق على وجه آيريس وهو ينظر الى ابتسامة ساتان المرعبة ، اقترب ساتان منه وقال بشكل يوجس الخيفة في نفوس اعتى الوحوش

- عزيزي آيريس ، لطالما كنت مفضلي في الشر ، ولكن اياك ثم اياك ان تترك كازو يقوم بعمل مجزرة هذا اليوم ! امنعه بأي طريقة فجسده لن يتحمل اي ارهاق للوقت الحالي

هز آيريس رأسه بالايجاب دلالة على موافقته لما قاله ساتان ، ابتسم ساتان عن رضى وترك آيريس ليعود لعمله مجدداً

اما آيريس فقد اتجه ناحية غرفة كازو وحالما وصل اليها دخل دون ان يطرق الباب ، في الواقع ركله وحطمه بعدما قام كازو بتصليحه منذ بضع دقائق

شعر الاخير بالسخط لهذا الفعل ، التفت ناحية الباب بعيون حمراء من الغضب ولكنه هدأ حالما شاهد آيريس مستنداً على الباب بابتسامة شيطانية

شعر بالازدراء والقى بنفسه على سريره وهو يقول ببرود

- اخرج من هنا ، لستُ في مزاجٍ لك

- اووه وانا الذي كنتُ على وشك ان اخبرك بمن غازل آيـآمي للتو

- ماذا ؟!!!!!

لمعت عيناه بالغضب ، وتحولت ملامحه الى شكلٍ مرعب احبه آيريس ، كان مرعباً بحق ومستعداً لقتل ايٍ كان على مرأى من ناظريه

انتفخت وجنتا آيريس لانه كان يكبتُ ضحكته الهستيرية ، ولكنه فجرها وراح يضحك بشكل مثير للسخرية على شكل كازو ، ادرك كازو الخدعة فوقف وذهب الى آيريس وضربه بقوة على وجهه

سقط آيريس على الارض وهو لا يزال يضحك وقد اشتد غضب كازو ، امسكه من ياقة ملابسه وصرخ في وجهه بشدة

- لا تلعب معي في مثل هذه المواضيع ! هل فهمت ؟!!!

صُدم آيريس من ردة الفعل المبالغ فيها ، ولكنه ابتسم بهدوء وهو يقول

- تحبها لهذه الدرجة ؟! هنيئاً لها الظفر بقلب من لم يقع في الحب مطلقاً

- لا تستهزأ بي آيريس !! لستُ في مزاج لك

- وهل كُنت مطلقاً في مزاجٍ لي ؟

- لا

- اتذكر حينما كنتُ طفلاً ، كنت تحب ضربي و ربط عنقي حتى اصبح حيوانك الاليف

- اجل وكنت لا تمانع ذلك

- في الواقع كنتُ اجعل عقلي العبقري في مستوى غبائك لهذا فعلت ما فعلته

- هكذا اذا ، آسفٌ لكوني غبياً والا انقلع عن وجهي

- جرحتني يا اخي ، اهكذا تقابل عشرة الصداقة ؟

- اجل ، اذهب قبلما اقتلك

اتسعت ابتسامه وذهب ليجلس بجانبه ، استرق النظر الى وجه كازو ذي الملامح القاسية ، قبل يومين فقط كانت قسماته مرحة و ذات طابعٍ لطيف ولكنه الان مرعب كعادته السابقة

ظهر شبح ابتسامة صفراء على محيا كازو ، امسك بكتف آيريس وقال بجدية و شّر مطلق

- دعنا نذهب ونتنزه في الخارج ، ارغب بأن ارفه عن نفسي

- اجل كي تقوم بعمل مجزرة ، كلا

- سأقتلع عينيك وبعدها قلبك ان لم تأتي

- انت تعلم بأن هذا لن يقتلني

- بلى سيفعل ان احرقت جسدك بعد انتزاع قلبك

- اتهددني ؟

- اجل انا افعل

- لم تتغير ايها البتار

- لا تنادني بهذا اللقب

- ولكن والدك اخبرني بعدم السماح لك بالخروج !!

- لا يهم ، تعال والا جررتك من شعرك

- لا خيار آخر ، آسف ساتان – ساما

هو يعلم بأن كازو لن ينفذ تهديده مطلقاً ولكنه يستمتع فقط بألقاء التهديدات على مسامع الاخرين ، لطالما احب آيريس هذا الجزء الشيطاني الاسود من كازو

وقف كازو و آيريس واتجها خارجاً ، وآيريس يدعو ان لا تتحول هذه النزهة الى مجزرة دموية تخلد في التاريخ












مرحباً يا شبحي ، انا هو شهيدك

هل ستكون انت حاصد روحي ؟

هل تستطيع ان تشعر بيدي التي تمسك بالزناد تتحرك اسفل ظهرك ؟

وحينما تختبئ ، اختبئ داخل ذلك الجسد

ولكن تذكر فقط بأنك سترتجف اكثر .. ستنجرف اكثر .. حالما المسك

برد .. ولكنني لا ازال حياً !

صقيع ... ولكنني لا ازال هنا !

انا بعيدٌ جداً عن الراحة ... بعيد جداً عن السلام

اشعر بالبرد ... وانت لستَ ملكي

دقيقة اخرى هنا ... الوقت قتلنا بعد كل شيء

هل تستطيع الشعور بيدٍ اخرى ... تطبق على متنفسك ؟

انت تسقط امام ناظري ... تسقط بدماء ضحاياي

ولكن تذكر ... كلما سرت عني ابعد .. كلما قتلت المزيد من اطفالك

كلما انهيت ... صفحة من ذكرياتك !

ثلوجٌ غطت كل بقاع الارض ، بياضٌ تسربل به العالم في فصل الموت والسبات الغيبوبي ، ربما لن يصحو بعضهم من نومه الابدي ، وربما يفتح بعضهم عينه امام واقعٍ مرير لم يتوقعوا ان تصل اليه عجلة حياتهم

فالموت لا يستريح ابداً ، ونصله الحاد معد لقنص الارواح من بعد ، بلا رحمة ، بلا شفقة وبلا مهلة

وسط تلك الغابة التي غطتها الثلوج من كل مكان و السماء الرمادية التي ملأتها السحب البيضاء ، في نهرٍ مياهه ماسية اللمعان ، كان جسدها يجرف بواسطة التيار الهادئ ، ترتدي ثوباً ابيض عكس لون الشتاء ، نائمة وكأنما هي في تابوتٍ قد وضعت

حتى فتحت جثتها عينينها بهدوء غير مدركة للمكان الذي وضعت فيه ، شعرت ببرودة المياه التي تجرفها ولكن جسدها كان مشلولاً من البرد فلم تستطع ان تحركه ، جالت ببصرها وهي تنظر الى المناطق الشاسعة التي احتلها الثلج بجبروت الموت الفتاك

استطاعت ان تشعر بيدها اليمنى فقط ، فحركتها ووضعتها على قلبها ، لم تشعر بنبضاته فأدركت بأنها ميتة ، لم تهتم بل تركت خصلات شعرها الذهبية تنساب في المياه بلا ادنى اكتراثٍ منها

حتى سمعت ذلك الصوت ، صوتٌ احبته من الازل ، يعزف مقطوعة حزينة تناسب الاجواء

صوت الكمان العذب ، التفتت برأسها صوب الصوت ، لترى ذلك الرجل واقفاً يعزف باندماج شديد ، مدت يدها ناحيته وقالت بشبح ابتسامة

- واخيراً التقينا ، لم اظن بأن لنا لقاء في هذه الابدية

توقف الرجل عن العزف حالما سمع صوتها ، ابتسم بهدوء وترك الكمان متجهاً صوبها لينتشلها من المياه ، لم تكن تدرك من يكون حتى مع شعره الابيض كالثلج الذي بدا مألوفاً بشكل كبير

لمست وجنته لتردف قائلة بحسرة

- متى ستعود الي ؟ متى سأصبح كاملة مجدداً ؟

اتسعت ابتسامته مجدداً ، بدأ يقول شيئاً ولكنها لم تستطع ان تسمع بسبب صرير الرياح العاتية التي هبت فجأة ، تلاشى كل شيءٍ من حولها دون ان تدرك ذلك وتحولت الى صفحة من السواد القاتم وحسب

فتحت عينيها على مصراعيها لتجد نفسها نائمة بين ركام الكتب ، اخذت نفساً عميقاً وهي تضم وجهها بيديها محاولة تفسير ذلك الحلم الغريب

رفعت رأسها لتجد ساتان جالساً على الكرسي المقابل لها وقد قام بتغطيتها بملائة قبل جلوسه ، ابتسم وترك الكتاب الذي كان يقرأه مد يده وامسك بيدها وقال بهدوء

- كابوس ؟

- كلا ، حلمٌ غريب

- حدثيني عنه

- الثلوج كانت تغطي كل شيء ، كنت اجرف من قبل نهر بارد ، وكان هناك رجلٌ يعزف على الكمان واقفٌ بمحاذاة النهر ، انتشلني وقال شيئاً الا انني لم اسمع بسبب الرياح

- لا اظن بأنها مجرد اضغاث احلام ، ربما ينبئك هذا بشيء قادم في القريب العاجل

- لا اعلم ، فقط اريد ان ينتهي الهاجس السيء الذي اشعر به

- كل هذه الامور ترأب وتشعب في جوفك كي تحيل الثؤى الى صلاح وخير

- افضل البقاء كالشخص الطالح اذا !

- شقية ، لا اعلم من الذي ورثتِ هذا منه

- منك انت بالطبع ! انا لستُ اشبه امي كثيراً

- اوافق على هذا بشدة

ابتسما على بعضهما البعض ، شد ساتان على قبضة آيـآمي بقليل من القلق والهواجس السيئة ، اراد فقط ان يبعد كل هذه الامور عن ارض الواقع ، رغم ان دفعها امرٌ مستحيل ان حدث

- ابي !

- ماذا ؟

- اين ذهبت والدتي ؟

شعر ببعض الانزعاج ، اشاح بناظريه وقال بتزمت

- ذهبت لعالم البشر ، لديها امرٌ مهم على ما يبدو هناك

- هكذا اذا

- ولما تسألين عنها ؟

- ليس امراً جللاً ، اريد ان اسألك عن امرٍ اهم

- اسألي عن اي شيء

- من هي آيـآكا حقاً ؟

اتسعت عينا ساتان بصدمة ، ترك يديها وضم يديه مع بعضهما ليظهر البرود على ملامحه ، كاد ان يتكلم الا ان شخصاً قاطعه

- مستحيل ان يتحدث عني آيـآمي – شان ، فأنا موضوعٌ محظور !

التفتا الى مصدر الصوت بصدمة ، شاهداها تأكل بعض البسكويت وتجلس على احد الرفوف بوجه ابله ومتحمس كالاطفال

كان فتات البسكويت يغطي اطراف فمها وهي تقفز بسرعة ناحيتهما وتقول

- مرحباً ساتي ! مرحباً يا زهرتي ! كيف حالكما ، يا آلهي ساتي انظر الى نفسك ! اصبحت عجوزاً يا رجل ! لابد وانه خطأ اراشي الاحمق ، قلتُ له من قبل ان لا يتصرف كالاغبياء ولكنه لم يستمع الي !

تحجرا في اماكنهما من الصدمة ، سرعان ما اتسعت عينا ساتان وظهر الغضب على ملامحه ليقف ويضرب الارض بقدمه فاهتزت بشكل مرعب ، ظهرت شرارة حمراء في عينيه وهو يقول صارخاً

- ما الذي تفعلينه هنا ايتها الحقيرة ؟ ، بل كيف تجرؤين على القدوم

بدأت الجدران تتصدع والارض لا تزال تهتز بشكل هستيري ، لم تهتم آيـآمي بل وضعت يديها خلف رأسها وهي تقول كالصبيان

- لا شأن لك ايها العجوز ، انا هنا لرؤية حبيبتي آيـآمي – شان وحسب !

استشاط ساتان غضباً ، امسك برقبتها ودفعها ناحية اقرب جدار لتقف آيـآمي مدهوشة ، راح يضغط بشدة وغضب على رقبتها وهو يستمع الى صوت تحطم عظامها ، ملامحها كانت باردة حتى اظهرت عيناها شراراتين حمراوتان ، ابتسمت بطريقة ابليسية وقالت بخبث

- هيا ساتي ، حاول قتلي ان اردت ! لن امانع هذا ولكن في نفس الوقت سأقوم بقتلك للابد !

- سأقتلك حتى قبل ان تتمكني من القيام بحركة

- وحتى ان قتلتني فخطتي سائرة ، لدي اتباعٌ في كل مكان يا عزيزي

- لن تتغيري ابداً آيـآكا ، انتِ تافهة مجنونة

- مجنونة ؟ ، اعتقد بأن هذا القول يناسب ساتي ، فأنت متقلب المزاج ، هذا يجري في كل عائلتك

- اصمتي ولا تتكلمي الا حينما آمرك

- لا سلطان لك عليّ اتذكر ؟ انا حرة الارادة ولن تخيفني ابداً

كسر رقبتها وابتعد ، زفرت هي من جهة اخرى بطريقة طفولية وامسكت برأسها لتعيده الى وضعه الطبيعي ، صمت صوت فرقعة فتألمت بعض الشيء وقالت بدموع طفولية بحتة

- انظر ماذا فعلت ايها الاحمق ! رقبتي تؤلمني والان لن اتمكن من ارتداء الحليّ الجميلة الا بعد ايام

رمقها بأزدراء وسار حتى وقف بجانب آيـآمي التي لا تزال تنظر الى آيـآكا بدهشة ، سارت حتى اقتربت من آيـآكا وسط دهشة ساتان ، وقفت امامها لتمعن النظر فيها وتردف صارخة

- لما اشعر بأني اعرفك من قبل ؟ اعني سمعت اسمك وشعرت بأنه مألوف ولكن من حديث الجميع ظننتُ بأني سأكرهك كذلك !

- وهل تكرهينني ؟

- كلا ، بل هناك جزء مني يشعر بالسرور لوجودك هنا وكأنما ...

- نحن مقربتان ؟

- اجل بالضبط !

- توقفي آيـآمي !!

التفتت آيـآمي الى والدها بقليل من التعجب ، اقترب منها وامسك بيدها ليبعدها عن آيـآكا وهو يقول مزمجراً

- لا تدعيها تخدعك بقناع اللطف ! انها ماكرة بشدة

- ولكن المكر صفة الشياطين المثلى ، لا الومها على ذلك

- اعلم ذلك ولكن ان تقفي هكذا الى صفها بلا اكتراث لهو امرٌ خطر

- لما ؟

- هي السبب في فقدانك لذاكرتك ! هي من اسقطكِ عن الجرف

- ماذا ؟!

- اجل اجل ، مذنبة واعترف بذنبي ، ولكن هذا للصالح العام ، بدون ذكرياتها آيـآمي بخير

- اجل تقولين هذا وكأنك تعلمين شعور الغربة !

- بلا اعرفه !

- ماذا ؟

- اعرف شعور ان تبقى محجوزاً في زنزانة لقرابة القرن ، ان تكون منبوذاً ومكروها وغريباً بجانب من احببتهم ، ان يصفوك بالمسخ ريثما هم المسوخ ، ان يلقوا بكل اخطائهم عليك لانك اكثر خبثاً وحنكة منهم ! اجل اعلم معنى الغربة ساتي لا داعي كي تعلمني

- ما الذي تتفوهين به ؟ هل فقدتِ عقلك ؟

- لا اعلم ! اسأل نفسك على سبيل التغيير

اقتربت بعدها من آيـآمي وقبلتها على وجنتها وهمست بشيء ما في اذنها واختفت من امامهما تاركة ساتان في صدمة يحاول ان يتخطى اثرها على نفسه














وقفا على سفح جبلٍ وهما يرمقان الجيش الهائل في الاسفل برغبة عارمة في القتل ، تحولت عينا كازو الى البنفسجي البراق و آيريس الى الاخضر الفاتح البراق ، نظرا الى بعضهما بشهوة دموية ليردف آيريس
- هل تفكر فيما افكر فيه ؟
- ان كان الامر يتضمن اضلعاً بصلصة حارة فأجل
- اذا هيا نقتل التوكيدن الضعفاء
- هيا !
قفزا من على السفح حتى حطا على الارض وهما في مواجهة لكائنات التوكيدن القوية ، لعق كازو شفته واعطى اشارة لآيريس كي يتحرك ، زمجر وحوش التوكيدن بشكل يوجس الخيفة في نفوس مواجهيهم ولكنهما لم يهتما
بل بدآ بالهجوم عليهم ، تارة استخدم كازو اظافره الحادة في اقتلاع رؤوسهم وتارة استخدم نيرانه الحمراء الخاصة في القضاء عليها
من جهة اخرى آيريس استخدم برقه الاصفر القاتل تارة وتارة الوهم الخادع في القضاء عليها ، كانا يبتسمان بشكل بديع ومخيف وهما يقتلان
شعر كازو بالاثار فانتشل سيفه الخاص من غمده ، تفاجئ آيريس لهذه الحركة غير المتوقعة من قبله ، ولكنه ابتسم واخرج نصله الخاص كذلك ، عاودا القتال بشكل متواتر ومتوافق
مرت فترة طويلة منذ ان استخد كازو سيفه في القتال لآخر مرة لهذا تفاجئ آيريس لان كازو حينما ينتشل سيفه من غمده فلا يعيده الا حينما يقتل كل حيٍ موجود
كان مستمعاً بالقتل والدماء الدافئة تتدفق من اجسادهم على وجهه وكافة جسده وهو يلعق الدم بشكل هستيري ومليء باللذة
القى بسيفه جانباً حينما مالت عيناه للاحمرار الداكن بعض الشيء وراح يضحك بشكلٍ هستيري ، توقف آيريس فجأة واتجه ناحيته وهو يصرخ
- هل جننت ايها لاحمق ؟ لا تفقد زمام نفسك والا دمرتنا كلنا !
- لا شأن لك ! اشعر وكأنني بخير لاول مرة منذ عقود ! اريد ان افجر عنان قوتي !
- لا تفعل !
شد كازو على يديه وفردهما كما يفرد الطائر جناحيه ، بدأت الارض تهتز بشكل مرعب وقد تشققت الارض لتخرج منها حممٌ بركانية سوداء مائلة للاحمر القاني وتفوح رائحة الموت منها
تلبّدت السماء بالغيوم السوداء التي تمطر مطراً ساماً وبدأ كلُ حيٍ حولهما بالموت ، شعر آيريس بالخطر المحدق قادم ناحية الجميع ولكنه لن يستطيع ايقاف كازو مطلقاً
الاخير من جهة اخرى كان متحمساً ، تجمعت قطعان التوكيدن حوله وهم يزمجرون محاولين اخافته ولكن دون جدوى
شبك يديه مع بعضهما ثم فرقع اصابعه وصرخ مزمجراً
- اهلكوا ايها الضعفاء !
في ومضة عين تفجرت اجساد مجموعة كبيرة منهم وتناثرت اشلائهم على كل مكان وامتلأت الارض بدمائهم ريثما ذعر الاخرون الذين لم يتمكنوا من الهروب لان الحمم قضت عليهم ، وبعضهم اذابت الامطار السامة الحمضية اجسادهم وهم يصرخون طلباً للنجدة
ظهرت زوبعة دخان فضي سفكت دماء الباقين منهم وسط صدمة آيريس ، فهو لا يتذكر بأن كازو استخدم هذه القوة المفرطة الا في المعارك الجدية وحسب !
اقترب قليلاً من مكان الدخان وانتظره حتى انقشع تماماً ، كانت دهشته في تلك اللحظة ، كان كازو واقفاً على اطلال واكوام جثث التوكيدن الميتين ويحمل رأس زعيهم في يده اليمنى واليسرى حمل بها سيفه الملطخ بالدم وقد رفع رأسه الى السماء وغطى شعره عينيه فلم تظهر الا ابتسامته الواسعة التي لمعت من بينها انيابه الشيطانية وظهر دخان من داخل جوفه وهو يقهقه بطريقة تخطف اللون والروح من المشاهد
افلت الرأس من يده ونزل على الجثث وعيناه الحمراوتان لا تزالان تلمعان برغبة في سفك الدماء ، ازردء آيريس ريقه وصرخ في وجه كازو بعنف
- توقف ايها الاخرق ! اتستعمل هذا القدر من القوى على حفنة من الضعفاء ؟! ماذا لو تسبب بكارثة طبيعية ودمرت كل ما حولنا ؟
- لا يهم ! سأطلب من والدي ان يرمم المعطوب ، لن يكون امراً جليلاً
- ما بك ايها الاحمق ، هل اثر المرض هذه المرة على عقلك كذلك
- كلا ، بل ايقض رغبة سفك الدماء التي بقيت نائمة لقرون ، اتذكر آخر مرة كنتُ فيها بهذا الشكل ؟
- اجل قرابة مئة وتسعين عاماً ، في نفس العام الذي خُنتك فيه !
- اجل احسنت ! انت تتذكر ، وها انا الان مجدداً اشعر بأني عدت الى ساحات المعارك مجدداً
- يا الهي ما كان علي اخراجك
ولكن بدون سابق انذار شعر كازو بألم حاد في قلبه ، سقط على ركبتيه وبدأ يسعلُ دماً احمر مائل الى الاسوداد ، صُدم آيريس لحاله فهرع ناحيته خائفاً فجلس وهو يربت على ظهره ويقول خائفاً
- ما الامر كازو ؟ لما انهرت فجأة ؟ اوووي ! هل انت بخير ؟!! اجبني كازو !
ولكن كازو واصل السعال الشديد ، وشعر بالاختناق وكأنه قد القي في مياه ضحلة لا فرار منها ، واكبت الدماء على الخروج من جوف كازو وهو يشعر باعتصار حاد في كل اعضائه الداخلية ، عيناه كادتا تخرجان خارج محجريهما من الالم
شعر بحضورٍ مألوف ، شخص يعرفه تمام المعرفة ، رفع عينيه برعبٍ ليجده واقفاً امامه بشعره الذهبي القصير الذي يصل الى اسفل اذنيه وعينيه الزرقاوتين
قال بشفتين تملؤهما الدماء
- باندورا !!
لم يدرك آيريس بأن كازو كان يلهوس بشكل مفزع لذا خشي عليه من مضاعفات المرض فهو من المفترض الا يجهد نفسه في هذا الوقت
الاخير كان مصدوماً وغير مصدق لوجود باندورا امام ناظريه ، ارتجفت يده اليمنى من الصدمة وعيناه لا تزالان تنظران اليه بقلق
اقترب باندورا مكتسحاً السواد منه ، حتى اضحى امامه ودنى الى مستوانه وهو يمسك بذقنه ويرفعه اليه ، نظر اليه بحنق وغضب وهو يقول ببرود طاغٍ مستبد
- لقد اذنبت كازو ! والمذنب لابد له من نارٍ تتأجج في روحه حتى تطهره من ثقل الذنب والاسى
لم يستطع ان يستوعب ما يقوله له الرجل الماثل امامه ، فقط اراده ان يختفي قبل ان يقدم على اي عملٍ طائش يودي به الى التهلكة
اقترب باندورا من كازو وهمس في اذنه بعبارة واحدة
- " نكثت العهد وانقطعت الاوصال والان على الجحيم العتاب والسداد "
وقف باندورا بعد ذلك ، وهو ينظر ببرود الى كازو ليردف قبل ان يختفي
- كازو ، كل شيء يبدأ وينتهي بنفس النقطة ، لذا لا بداية لك ولا نهاية كذلك
تلاشى باندورا من امام عيني كازو المفجوع الذي لم يشعر بصرخات آيريس التي تناديه الا الان
شعر براحة غريبة تغمره وكأنما كلام باندورا كان مجرد تهديد لا طائل منه ، توقف عن السعال كذلك فوقف بمساعدة من آيريس الذي تجمعت الدموع في عينيه من الخوف عليه
اردف وهو يضربه بقوة على ظهره
- اخفتني يا رجل ، لما تجاهلتني ؟
- انـ ... المعذرة آيريس ، لقد فقدت الشعور بما حولي للحظات
- لا تخفني مرة اخرى
- لا بأس عليك
بدئا بالسير ، ولكن كازو توقف للحظات وتجاوزه آيريس الذي لم ينتبه على وقوفه الا متأخراً
صدمات ممتالية راحت تصيب جسده وتوقف قلبه ونبضه مجدداً تكرر في لحظات معدودات ، بدأ يترنح غير قادر على التحكم بنفسه ، حتى جثى على ركبتيه مجدداً ولكن هذه المرة شعر بعينيه تحرقانه بشكل مرعب
وضع يديه على عينيه وهو يصرخ والدماء تنزف منهما تباعاً ، شعر بأن عينيه انفجرتا والحرارة التي تذيب كل شيء تطغى عليهما
امسك آيريس بيديه وابعدهما عن عينيه ليصدم بكمية الدماء التي تخرج منهما ، حمرة عيني كازو خفتت وقد تصّنم تماماً وكأنما هو قد شاهد شبحاً يطارد روحه ليقنصها منذ عهود
قال آيريس بقلق وخوف وصوتٍ مهزوز
- ما بك ؟ لما تبدو وكأنك قد رأيت شبحاً ؟
- لا ارى !
- ماذا ؟!
صرخ بقوة مزمجرة
- لا استطيع ان ارى ! لقد فقدت بصري ! ، يحرق ! اشعر بنارٍ تتأجج في عيني !!!
اصفّر وجه آيريس ، وفقد القدرة على النطق في تلك اللحيظات بالذات ، لم يعرف كيف يتصرف او ما يجب فعله ، كل ما ادركه كان .... انهما في مشكلة لا حل لها الا بساتان نفسه











بعدما استطاعت ان تهدأ من روع ساتان الغاضب وان تجعله يبتسم بعدما شاهد آيـآكا و برزت صفة القتل فيه ، جلست بقربه وهي تمسك بيديه وتحدثه وهو يبتسم بهدوء وقد انجلى غضبه تماماً ، شعرت بالراحة لكون والدها ابتسم اخيراً ولكن قلبها لم ينفك ان ينقبض بشكل مرعب منذ بعض الوقت ، تشعر بهاجسٍ سيء ولا تعلم لمن هو ، هل هو لها ام لغيرها ؟

فاجئهما صوت انفتاح الباب الذي دوى في كل مكان بشكل مرعب ، وقف ساتان بجبروت وهو ينظر الى الوافد ، انبلجت اعينهم حينما شاهدا آيريس يحمل كازو الذي سالت الدماء من عينيه بشكل ذعر له الجميع

ازمع كلاهما ناحية كازو وآيريس ، صرخ ساتان بشكل مخيف

- ما الامر ؟ ما الذي حدث ؟

اما آيـآمي فقد انتشلت كازو من بين يدي آيريس ومددته على الارض وهي تفحص عينيه اللتان لم تعرف ما الخطب فيهما الا بعدما شاهدت خفوت اللون

شرح آيريس لساتان ما حدث ، وساتان بدوره شعر بالسخط ناحية آيريس ولكنه لم يستطع لومه لان كازو ارغمه على هذا ، التفت لآيـآمي المصدومة وقال بقلق وذعر

- ما به ؟

التفتت اليه بعيون مصدومة وقالت منكرة

- لقد فقد بصره

صرخ بشكل مرعب

- ماذا ؟!!!!

- لم يعد قادراً على الرؤية !

بدون ان يشعر حمل ساتان كازو بين يديه ونقله ناحية غرفة الطوارئ الطبية الموجودة في القصر ، طلب من آيـآمي مناداة جميع اخوته الذي تجمعوا خارج الغرفة ريثما ساتان يقوم بتنفيذ العملية الجراحية

كان الجميع ينتظرون على احر من الجمر ، بالاخص آيـآمي و آيريس الذين لم يستطيعا الا ان يدورا في حلقات مغلقة ، ولكن قلب آيـآمي كان ينبض بسرعة خيالية ، وكأنما الهاجس السيء الذي راودها لم ينتهي بعد

لا تعلم ما يجب فعله ولكنها تعلم بأن مصيبة اخرى حائلة على مسامعهم لا محال ، رغم انها تتمنى كونها مخطأة في هذا

بعد اكثر من اربع ساعات خرج ساتان الذي حمل ملامح الانزعاج والحسرة على وجهه ، نظر اليه الجميع فهز رأسه نافياً ، شعرت آيـآمي وكأن ركبتيها لم تعودا تستطيعان حملها بعد الان ، كادت ان تسقط لولا ان امسكها آيريس وساعدها على الوقوف

اقترب تشيتوسي من والده وقال بقلق

- ابي هل حاولت بكل الطرق ؟

هز رأسه وقال ببرود مصحوب بالحسرة

- اجل ، استعملت قوتي الشفائية الخاصة ، واستعملت العمليات الجراحية ، واستعملت نقل الدم ولكن كل شيءٍ لم يفد ! هناك طريقة واحدة ولكن لا اظن بأن احداً منكم سيقبل

اعقب تشيتوسي قائلاً بانفعال

- ماهي تلك الطريقة ؟

تحولت عينا ساتان للاحمر البراق فادرك الجميع خطورة الامر ، اعقب ببرود مرعب

- على احدكم ان يتبرع فأنقل عينيه الى كازو ، ويجب على المتبرع الانتظار حتى تشفى عينه وقد يستغرق هذا اشهراً بالطبع حتى بالنسبة لشيطان

ازدرء الجميع ريقهم ، اعقب تشيتوسي بقلق

- هذا مستحيل ! الا يوجد حلٌ آخر ؟

اردف ساتان نافياً

- كلا ، لا يوجد

وقف الجميع على اعصابهم ، فلا احد منهم مستعد حتى يضحي بعينيه لعدة اشهر ! ولكن الصدمة كانت حينما تقدمت آيـآمي وقالت بشكل جدي

- خذ عينيّ !

شهق الجميع ! ساتان بنفسه انفعل وصرخ في وجهها قائلاً

- مستحيل ان افعل ذلك ! ما الذي تفكرين فيه ؟

رفعت آيـآمي مستوى صوتها وقالت بغضب

- هذا ليس وقت المشاعر الشخصية يا والدي ! لا احد سيفعل ! وانا لن اترك كازو يعاني من حرارة عينيه لعدة اشهر ! خذ عيني ، لن ابالي بالعيش في الظلمة طوال حياتي ان تطلب الامر كذلك

قال ساتان منكراً وغير مصدق

- آيـآمي .... انتِ ..

اكملت هي بابتسامة

- عليّ ان اعين اخي وقت الحاجة ، والا فما فائدة حملي لدمائك في عروقي ؟

اتسعت عيناه وكأنما هو ادرك امراً ما ، عاد وجهه جدياً وهز رأسه بالايجاب ، امسك بيدها وادخلها معها الى غرفة العمليات الطبية ، شاهدت كازو مستلقياً على السرير وقد قام ساتان بتخديره مسبقاً ، شاهدت آثار الدماء على وجهه ، انقبض قلبها حسرةً عليه

جلعها ساتان تستلقي على السرير المجاور وقد غطاها بملاءة بيضاء ، حمل بين يديه ابرة مخدرة وقال لها بحنان غير معهود منه

- لا احد يفعل مثل هذه التضحيات هذه الايام ، اشعر بالفخر بك ، رغم ان كازو لن يوافقني على هذا حينما يستيقظ

- لا يهم رأيه ، المهم ان ننقذه من معاناته الشديدة

- هذا صحيح ، سأعطيكي المخدر الان

- حسناً

زرع الابرة في يدها و راح يضخ المخدر ببطء ، بدأت تفقد وعيها تدريجياً حتى نامت تماماً ولم تعد تشعر بما حولها ، حالما تأكد ساتان من فقدها لوعيها حتى بدأ العملية التي استغرت منه قرابة الست ساعات حتى ينفذها بلا اضرار جانبية على الطرفين

بعدما انتهى تم نقل كلٍ من كازو وآيـآمي الى غرفهما وتم توفير العناية اللازمة لهما

في صباح اليوم التالي

تسللت اشعة الشمس من بين فتحات الستائر التي اظلمت بها الغرفة ، شعر بالضيق قليلاً من الاشعة فزمجر وهو يفتح عينيه ببطأ والم ، كانت الرؤية مشوشة بشكل كبير حتى ظن بأنه لن يرى مجدداً ، فرك عينيه فأصبحت الرؤية واضحة تماماً

فكر في ان ما حصل بالامس مجرد حلم وان فقدانه لبصره والحرارة التي احرقت عينيه لم تكونا الا مجرد حلم وحسب

تثاءب وشعر ببعض الارهاق في جسده بسبب الطاقة التي استنزفها بالامس ، فُتح باب غرفته ودلف ساتان واخوته الستة اليها وهم يبتسمون بسعادة وقد رافقهم آيريس الذي كان يبكي من السعادة لاجله وفي نفس الوقت لحزنه على آيـآمي

جعلهم ساتان يقسمون بأنهم لن يخبروه بالحقيقة ، و ان آيـآمي لم تضحي بعينيها لاجله ، وافق الجميع على كبت هذا السر ولكن ساتان خشي من جيراهيم الذي دائما ما يزل لسانه بالمصائب

وقفوا يحدثونه وقد بدا التأثر جلياً على ملامح اراشي وقد انهمرت دموع السعادة من عينيه وهو يربت على كتف كازو ويقول

- الحمدلله لان العملية نجحت ! من كان يظن بأن نقل العين صعب لهذه الدرجة

اختفت ملامح الجميع وتصنموا وقد سقطت الجرة التي كانت ساتان يحملها من بين يديه وتكسرت وقد سقط فمه على الارض من الصدمة

شعر كازو بأن قلبه قد توقف عن النبض للحظات ، رمق الجميع فشاهدهم بخير ولا يبدو عليهم اثر الجراحة ، فقد آيـآمي ولم يجدها ، زادت سرعة تنفسه فجأة ووثب من على سريره وهو يصرخ بشكل مرعب

- من الذي تبرع لي بعينيه ؟ اخبروني ؟ من ؟!!!

صمت الجميع ولم ينبسوا ببنت شفة ، حينها نبتت اصول الشك في قلب كازو ، وبدأت شجرته تتفرع الى ان وصلت الى عينيه الحمراوتين

دفعهم جميعاً وسط ذعر ساتان الذي خشي من ردة الفعل هذه ، وصل كازو الى غرفة آيـآمي راكضاً وهو يلهث بشكل جنوني

فتح الباب دون ان يطرقه فدخل الى داخل الغرفة ليجد آيـآمي تمسك بالجدار وهي تحاول السير وتبدو متفاجئة من صوت ارتطام الباب بالجدار

وقف يلهث والصدمة بادية على محياه ، فهي لم تكن تنظر اليه بل كانت تنظر في ارجاء الغرفة كافة ، قالت بقليل من القلق

- من هناك ؟

لم تستطع ان تعرف الماثل امامها لان فقدان عينيها اثر على قدرات الاحساس الخاصة بها فقلصت فائدتها

ارتجف جسد كازو بشكل مهيب ، سار ناحية آيـآمي بسرعة واحاط وجهها بيديه الدافئتين وراح ينظر في عينيها الزرقاوتات اللتان فقدتا الادراك ، شعر بالذنب ولاول مرة منذ زمن طويل ، شعر برغبة في البكاء ، ملامح متألمة ومتحسرة ارتسمت على ملامحه حتى شعرت بارتجاف يديه الشديد ، وضع جبينه على جبينها وهو يقول بصوتٍ مهزوز مكسور

- لماذا ؟ لما فعلتي هذا ؟! لما ضحيتي بعينيكي لاجلي ؟

شلّ لسانها فجأة ولم تتمكن من الكلام حالما ادركت ان الماثل امامها هو كازو نفسه ، وضع يديه على عضد يدها وسقط على ركبتيه وهو يمسك بيديها وهو لا يزال يتسائل ، حتى صرخ بقوة مرعبة

- لمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا ؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

WHAT THEY SAY

  • " The thunder merged with the sorcery uncovering the mighty power of doom lurked within the hearts , deceiving the morn merely a man he was , swung between lust and sloth hence , my darling the road had just begun Atras was created , and it flames will never be extinguished maim the truth , you have just lied and cease the float of power above what a serpent crawled deep inside , till it fed all on me ? I loathe you my apollyon , why do I love you erupt the war , I'm here standing till my last breath ? oh slumberless nights , where do I go to where shall me run to ? from his eye's

    he's the hunter of mine was it legit ? to prove that he was there sleeping unlike me , and destroying every last cult I need a truce , he shall not approve and I dread under his rule , apollyon was the only fool his siege , an eternal ecstasy and must the mourning remain still until he decides not to fill the ill accusing himself of the treachery it was nice to learn a tranquility lament for me , it's my aftermath .

    Arlette to Apollyon,Thousand Years Back
  • " Let me be the one you believe in I will save your soul for a live after death Satan embodies the satisfaction of desire And not a life of abstinence Satan embodies the rigorous existence And not the spiritual fantasy

    Satan embodies absolute wisdom And not a holy self-deception Satan will give your favor And no love to the thanklessness Let me be the one you believe in I will save your soul for a live after death Satan embodies revenge In fact of a fault in a second time Satan embodies responsibility To the guys of sound mind Satan embodies all the sins...

    Kazu To Enemies,Valeran War

CONTACT ME

Template By Templatium | Distributed By My Blogger Themes