WELCOME TO PROMETHEUS

SHORT WORDS

أعتقِ النفسَ المسبِّية وأنفتِق عن بذرةِ الشر ليلًا ، ونادي أيا ظلامُ ألم ترى من الأمرِ شيئًا ؟

ARLETTE

I Was In The Darkness For So Long , So Darkness I Became

BLOG

The Darkness In Me , Is Her Salvation

-

الفصل السادس : [ وكأن الكذبَ كان من نسلِ الشيطان ! ]








صدى أقدامِ الجيش يصدحُ في رأسي
مذكرًا إياي .. بما إختفى خلفَ عتمةِ الصخور
ربما .. سأستيقظُ يومًا لأنتبه .. بإن جلّ حياتي كانت .. حلمًا !
أينَ هو الصمتُ الذي وعدتني به ؟
لما هذا البُعد قريبٌ مني جدًا ؟
لما لا يزال عُنفكَ يؤلمني ؟
لما تتحاشاني عيناك ؟!
ولو بُتَرتْ هذهِ الأطرافُ لعلمتَ القصدَ من الحضيض
بإنها أنا .. التي تنادي وسط السعير
صارخةً .. متذكرةً ما تريد ، أيا ذاكرةً لا تعيديني لسابقِ المسير
أنا من اجلكَ احتضر ، ألا ترى ذلك ؟
انا اكذبُ من اجلك .. كي تكونَ حرًّا
أنا اجوعُ من اجلك .. لأني لا استطيع الأكل
وقد اختفي من اجلكَ مهزومةً .. فقط لأخسر هذهِ الحياة !
- هايسانث نوكتيس






فلاش باك :-
( قبل تسعِ سنوات | مدينة لندن )
سادَ الصمتُ لحظتها .. وأنقطعت الأنفاسُ على وتيرةٍ خاطفة
ما كانوا مستعدين لتقبلِ النتيجة ، هم المختارون للتمريناتِ الخاصة في الجيش البريطاني
بإن تكونَ الفتاةُ الوحيدة بينهم قد إنتصرتْ .. وبسهولةٍ على أحدِ أقوى الطلابِ هنا !
كلُ الأعينِ كانت على مشهدٍ بطيءٍ مغزاهُ أن حركةً واحدة من قبلِ آلداس كانت لتودي بحياتهِ للتهلُكة
فشلّ على وضعٍ هجوميٍ بحت وخصمهُ التي فاجأتهُ بسرعتها تقرّبُ السكين من وريده رويدًا رويدًا
ولربما كانت ستقتلهُ حقًا .. لولا أن صفق المدّربُ الخاص مرددًا
- هذا يكفي ، أحسنتما !
ما تكلمت هايسانث ذاتُ الخمسةَ عشر عامًا ، إكتفت بإغماضِ عينيها وبإعادة السكين إلى مكانه
ثمّ همت خارجةً والفتى خلفها لا يزالُ بلا حراكٍ واقف .. مصدومًا .. بتعطشها المهيب للدماء !
تحاشاها الجميع – كما يفعلون عادةً – فهي ليست إجتماعية بطبعها وبالنسبةِ لهم هي مخيفةٌ بتناسقِ شعرها الأسود مع عينيها الزرقاوتين .. تبدو كشبحٍ من قصصِ الرعبِ القديمة
ما انتبهت لهم أو لوجودهم حتى بل سرقَ لحظتها كل ما في وعيها وقوفهُ مستندًا على الجدار منتظرًا إياها كعادته
تبسمتْ بسعادةٍ حتى توردت وجنتاها هارعةً إليهِ فابتسمَ حالما إنتبهَ عليها آتيةً نحوه ،
إحتضنتهُ بقوةٍ كبيرة ليفعلَ هو المثل ، قهقه ضاحكًا على هكذا فعلٍ منها ، هي التي تتصفُ بالبرودِ عادةً
- أخي إيليا ، إشتقتُ إليكَ حقًا !
لمعت عيناهُ بإبتسامةٍ هادئة ، ربت على رأسها ولا يزالُ محتضنًا إياها فأجابَ بهدوءٍ وراحة
- اعلمُ ذلك ، لأني إشتقتُ إليكِ أيضًا . عزيزتي هايسانث !
تمسكت بهِ أكثرَ بإبتسامةٍ تتسعُ سعادةً على كلماته ، إبتعدَ عنها قليلًا فقبل جبينها يحدثها بحنان
- إذن كيف كان التدريبُ لهذا اليوم ؟
- جيد ، إستطعتُ هزيمةَ آلداس بسهولة
- كما هو متوقع . أنتِ رائعة !
مطّ وجنتيها برقةِ ثم سار معها يتبادلان الأحاديثَ فيما بينهما ،
مرّ شهرٌ على آخرِ لقاءٍ بينهما .. فـ إيليا عادةً ما تُفوضُ إليهِ مهامٌ عليا من قبل شخصٍ يدعى سولومون ، لا تعرفهُ هي ولكنها فقط .. لا ترتاحُ للأحاديثِ التي يتم تناقلها عنه
- وهكذا عزيزتي .. أنا ..
توقفت محبطة . لتعودَ القسماتُ الشاحبةُ إلى برودها المعتاد وتتجمّد عيناها بزمهريرٍ شديدٍ كما الأقطاب ، إرتخت كافةُ عضلاتها . اشاحت بناظريها تحدثهُ بنبرةٍ مستهزءة
- ستكلفُ بمهمةٍ مرة أخرى ؟ .. كم ستغيبُ هذه المرة ؟
الإبتسامةُ المنكسرة ما فارقته آنَ تلك لحيظات . طأطأ عينيهِ للأرض مجيبًا بحزن
- شهر .. مرةً أخرى
- هكذا إذن
إستدارت عنهُ سائرةً كالجنود بيدينِ معقودتين خلفَ ظهرها . تبعها بخطواتٍ سريعة حتى امسكها دافعًا إياها للجدارِ بجدية
ثبتها بقوةٍ تحت عدمِ المقاومةِ منها ، ونظر في عينيها بجديةٍ بحتة . دنى منها فهمس في إذنها بكلماتٍ جعلت من عينيها بريقًا حادًا لمن يراهما
- هل أنتَ واثق ؟
- أجل . كوني حذرة
- سأفعل
حلّ وثاقها منهُ وتركها بعدها ذاهبًا في مهمةٍ جديدة .. غير عارفٍ بإنها هي كذلك .. إلى مهماتٍ قذرة تُرسَل !
أرادتْ لهذا اليومِ أن ينتهي في أقربِ فرصة . لا تريدُ إكمال مكوثها مع مجموعةٍ من الموجات الصوتية التي تتناغمُ مشكلةً ضوضاء مزعجة .. !
ولكنها قررتْ أن تراهُ أولًا قبيل ذهابها .. فهو ليس بالذي يعودُ للمنزلِ كثيرًا كما هو حالُ والدتها .. ولكنهُ مختلف .. هو فخرها ! هو الذي فاق مقامهُ لديها الجميع !
فعلى بابِ مكتبهِ وجدتْ نفسها واقفة تطرقهُ بهدوءٍ منتظرةً الجواب من الطرفِ الآخر
فحالما سمعت الإذنَ بالدخول دلفت . فوقعَ على ناظريها هو .. والدها ، الأدميرال ويليام نوكتيس !
ينظرُ عبر النافذةِ التي اتخذت كل الجدارِ ومساحتهُ إلى ساحةِ التدريبِ الخارجية ، إلتفتَ إليها بعد وهلةٍ مبتسمًا بحنان
- هايسانث ، يسرني أن تأتي لرؤيتي
كم رفرف قلبها في تلك اللحظة وكم عجزت عن التنفس سعادةً ؟ .. لا تدري حقًا !
- بالطبعِ سآتي لرؤيتك . والدي !
كيف تصفه ؟! .. هو الذي يمتازُ بالقسماتِ الضائعة .. دومًا ، حينما ينظرُ إلى الشخصِ ويتحدث لا يبدو وكأنه ينظرُ إليهِ ويحدثه
عيناهُ وحسب .. كأنما تريانِ الفراغ وليس الناس !
فتحَ ذراعيهِ لإستقبالها ، مميلًا رأسهُ بنفسِ الإبتسامة الحانية
- تعالي
تقدمت إليهِ ببطئٍ شديد حتى وقفت أمامهُ مباشرةً فأحاطَ بيديهِ وجهها لثوانٍ بخفوتِ إبتسامةٍ غامضة ، برفقٍ دفعها إلى حضنهِ مربتًا على رأسها غير مصدقٍ بما يدعى الزمن
- كبرتِ بسرعة .. لا اكادُ أصدق !
أرخت رأسها على صدرِ والدها ، منذُ أن كانت طفلة .. صوتهُ ، دفئهُ ونظراتهُ تخدر كافة جسدها ، وكأنما بهذهِ الأعين هو يوقفُ جميعَ اعضائها عن العمل .. و يحيلها إلى سباتٍ عميق
ليست الوحيدة التي تشعرُ بذلك .. فجميعُ من يدققُ النظر فيهِ يساورهُ الشعورُ نفسه !
من وجنتيها مرر اصابعهُ بخفةٍ حتى لامست أصابعهُ أنامها وبحدةِ نظراتْ لم تألفها أو تنظرَ إليها أمرها بإبتسامةٍ ضائعة وسط الثلوج
- والآن لتنامي وحسب . صغيرتي !
لا تدري لما كل جوراحها قد انصاعت لهكذا أمر ، فغطتْ في نومٍ عميق .. دون أن تدري بذلك !
( بعد مرور شهر )
المنزلُ في ضواحيٍ ريفية خارج لندن كان المكانَ الأنسبَ لمكوثِ من لا يحبونَ الضوضاء
مستمتعينَ بنقاءِ الهواء . وخيراتِ الطيبعة ، على الرغمِ من كونهِ حيًا ضخمًا للأثرياءِ إلا أن التواضعَ كان غالبًا على معظمِ ساكنيه .. كلهم دافئونَ بطبعهم وكلهم قريبون من بعضهم البعض
على نهاية الحي منزلُ عائلةِ نوكتيس ، بعيدًا قليلًا عن الترابطِ بين سكان الحي الفسيح ،
فيهِ هلهلتْ أسيدانس فرحةً بإنجازها الجديد والذي ما كان بالنسبةِ لإبنتها .. إنجازًا حقيقيًا !
- هايسانث هايسانث لقد فجرت المطبخ !! ما توقعتُ ذلك ..
لم تفهم هايسانث – ولن تفهم – سبب السعادة التي تخللها إحباطٌ شديد .. والدتها الغريبة دائمًا ما تخلطُ شعورينِ في آنٍ واحد .. عينها اليمنى تظهرُ الإيجابي .. أما اليسرى فـ السلبي تظهر !
ببرودٍ وبلاهة سألت هايسانث والدتها
- وكيف فجرتي المطبخ هذه المرة ؟
لمعت عيناها بحماسةٍ بالغة وبلهاءٍ ترفعُ لهايسانث الديناميت .. الذي لا تدري لما هو بين يدي والدتها اصلًا !
- لقد حاولت صنع عصيدةِ الديناميت .. ولكني .. آهه فشلت ..
إتخذت ركن جدارٍ مكانًا تنفثُ فيهِ إحباطها بعيدًا عن إبنتها الباردةِ كالثليج .. وقفتْ هايسانث ودنت من والدتها تجرُ أذنها بقوةٍ كبيرة
- لا توجدُ أمٌ في العالم تريدُ أن تقتل أبنائها بعصيدةٍ متفجرة
باتت اسيدانس تبكي مفطورةَ الفؤادِ تتعلق بملابسِ هايسانث جاثيةً على ركبتيها
- هذا فظيع !! كيف تقولين عن والدتكِ هذا القول ؟ أردت ان اسعدكم بطبقٍ جديد ليس إلا !
بعصبيةٍ صرخت هايسانث تجرُّ وجنتي والدتها
- أنسيتِ آخر مرة صنعتِ فيها طبقًا جديدًا ؟! لقد تسمم أخي إيليا بفعلِ وضعك للأمونيا في الحساء !!
فجأة وقفت أسيدانس .. بوجهٍ جاد ترتدي قفازات المعاملِ البيضاء وتنظرُ لـ هايسانث بنظراتٍ خبيثة
- ذكرتيني .. لقد مرض إيليا مرةً بسببِ فيروسٍ غريب .. لا أدري من أين أتى .. يجبُ أن افحصكِ هايسانث لأتأكد فقط بإنكِ لا تحتاجين .. مئة حقنة في الفخذ
إرتعش جسدها كله تتخيلُ مئة حقنة في فخذها .. كلا !! على جثتها !! لن تدع والدتها المجنونة تمسها ابدًا !
غيرت الموضوع بسرعةٍ قائلة
- لا يزالُ والدي في غرفةِ مكتبه أليس كذلك ؟
بدت أسيدانس كمن تذكر هذا للتو ، نظرتْ صوب الباب الذي يبعد خمسة أمتارٍ عنهما ثم عبرت عن حزنها
- لا أدري ما حلّ بـ ويليام فجأة .. بات يدخلُ مكتبهُ لساعاتٍ طويلة حتى بعد أن يعود من العمل !
أغمضت هايسانث عينيها متوقعةً أمرًا
- العمل هذهِ الأيام متراكمٌ بسبب النكسة التجارية ، وزارة الدفاع تلقت صفعة مؤلمة للكسادِ المالي لذا لا عجب في أن يكون والدي منزعجًا لهذا
إزداد الإحباط في عيني اسيدانس مردفة
- اعلم ذلك .. فقط .. لا احب ان اراهُ في هذا الحال !
من ينظرُ إليها .. لا يدرك بإنها العالمة أسيدانس نوكتيس نفسها التي انقذت بريطانيا قبل أكثر من عشرين عامًا حينما كانت في المرحلةِ الثانوية
هذه العالمة العبقرية .. اساس دعائم وزارة الدفاع وإن حدث لها أمرٌ ما .. ستنهارُ الوزارةُ حتمًا
بهدوءٍ إبتسمت هايسانث مربتةً على رأس والدتها مخففة
- لا تقلقي يا أمي ، كل شيءٍ سيكون بخير ، والدي سيخرجُ بعد قليلٍ كما هو في العادة ويجلس بيننا مبتسمًا !
نفخت اسيدانس خديها المتوردين ثمّ نطقت بطفولية
- ويليام الأحمق !
في ثانيةٍ تجاهلت هايسانث وجود والدتها واتخذت من الأريكة مكانًأ لجلوسها من أجلِ القراءة ، تحطّم قلبُ أسيدانس جدًا .. وهي ترى بإن أبنتها كما والدها .. عديمةُ المشاعر !
وأثناء صمتها و غناءِ والدتها اثناء غسلِ الأواني .. هايسانث رمقتْ كافةَ أنحاءِ المنزل بنظراتٍ حادةٍ مخيفة ، تستشعرُ قدوم روحِ المصائب لهذا المكان ..
إنتبهت والدتها على تلك نظرات ، تعجبت فاحتدت ملامحها تسأل بفضول
- ما الأمر صغيرتي ؟
- النوافذ .. لما اغلقتيها كلها ؟
عادت عينا اسيدانس لطيفتينِ تجيبُ بسعادة
- آه لقد أخبرني إيليا بقدومِ عاصفةٍ ترابية لذا اغلقتُ النوافذ حتى لا يستخ المنزل
- عاصفةٌ ترابية ؟
- ولكنها لم تأتي للآن .. ربما ستتأخر !
تنفست الصعداء لهذا الجواب وإلا فإن عقلها كان ليقفز لإستنتاجاتٍ ضحلة و .. مظلمة !
بعد عشرينَ دقيقةٍ فُتح بابُ المنزل الرئيسي معلنًا عن وصولِ إيليا ، إلتفتت أسيدانس لهُ متحمسة ترقصُ من السعادةِ .. وتلقي بالصحونِ عليهِ مرحبةً
- آآآه صغيري إيليا ، لقد عدت اخيرًا !!
على غير العادةِ هو هادئ ، بنظراتٍ ضائعةٍ متوترة وملامحٍ جدية وأطرافٍ مرتجفة ،
لم تنتبه أسيدانس إلا أن الأمر أثار بعض الشكوكِ في قلبِ هايسانث التي قلقت من أن امرًا ما قد حدث له !
نظر لكافة انحاءِ المنزل وقال مستعلمًا
- اغلقتي كل النوافذ كما اخبرتك ؟!
- أجل فعلت
- هذا جيد
ملامحهُ غارت خلفَ خصلاتهِ الشقراء ، وبنبرةٍ أوجست في نفسِ اسيدانس خيفةً سأل
- هل الطردُ الذي أوصلتهُ لكِ عند والدي ؟
- أ-أجل اعطيتهُ إياه كما طلبتَ مني !
- ارى ذلك ..
تعجبت أسيدانس من ذلك فيما قبضَ إيليا على سيفهِ أكثر بعينينِ خاويتينِ من الشعور و متعطشتين لسفكِ الدماء
- أخي !
عادت عيناهُ طبيعيتانِ بإنبلاجةٍ متفاجئة ، إلتفتَ ببطئٍ ناظرًا لأختهِ المبتسمةِ بسعادةٍ للقدومة
إختفت كلُ رغبةٍ في الفتك من اوصاله ، وأبتسمَ بسعادةٍ يتجهُ نحوها معانقًا إياها بقوةٍ كبيرة
هو فقط .. يحبُ أخته أكثر من أي شيءٍ في هذا العالم ، هي كلُ ما يحتاجُ إليهِ كي يعيش وربما ..
جلسَ بجانبها ضاحكًا بسعادةٍ بالغة ريثما يعبثُ بشعرها مقربًا رأسها من حضنه ، إبتسمت والدتهما على حالهما الذي لن يتغير وعاودت العملَ مرةً أخرى
بجانبها جالسٌ هو يقرأ معها الكتابَ الذي بين يديها . هو وهي لطالما تشاركا في كثيرٍ من الأمور ومنها حبهما للتاريخِ القديم لذا فإن وجدتهما معًا فهما يقرآنِ كتابًا عن التاريخِ بلا ريب
دون أن تشعر هايسانث هو قد فتتَ حبةً ما لتتبخر في الهواءِ المحيط بها .. ورويدًا رويدًا عيناها تسقطانِ للنوم
أرخى رأسها على كتفه مقبلًا إياه و مقربًا إياها منهُ هامسًا بهدوء
- لتنامي وحسب ، عزيزتي هايسانث !
أُحيطت بالظلامِ وغشاوةُ عينيها الداكنة تمنعها من إبصارِ ما حولها ، كانتْ تطفو وحسب .. تطفو وسط العتمة
مُراقبةً من قبِل لبِّ الظلمةِ نفسها ، مانعةً إياها من السقوطِ في بئرٍ عميق .. كان من صنعِ البشر !
مخدرةُ الأطراف ، غير واعيةِ العقل واللاشعور هو فقط ما يقودها في طريقٍ مبهمٍ غير واضح
تسلل إليها الوعيُ تدريجيًا حينما إلى عقلها تناهت رائحةُ النارِ وفحيحُ ألسنتها المتراقصة .. بصعوبةٍ بالغى عيناها فُتِحتا
وأولُ ما وقعا عليهِ .. لون النيرانِ الحمراء الصارخة !
تلتهمُ النيرانُ والسنتها المنزلَ بأكلمه .. فكان تراقصُ تلك الألسنةِ مستهزءًا ، شامتًا و مستحقرًا لبني البشر !
حاولت أن تقفِ إلا أن قدميها خذلتاها فسقطت عن الأريكةِ متألمةً بشدة ، قاومتْ شعورَ الخدر وأجبرتْ قدميها على الوقوف
أكمحت رأسها صوبَ صوتِ إستلالِ نصلِ السيف الحاد .. فاتسعتا فجيعةً وإنكارًا .. لمرأى الذي بالخيانةِ أقسمَ ألا يقترفها !
قطراتُ الدماءِ من جسد والدتها الواهن قد صبغَ ما كان خلفه من جدار واثاث ، كل ما كانت هايسانث تراهُ هو شقيقها ونصلهُ الحاد كلٌ منهما إخترق جزءًا من والدتها
النصلُ إخترقَ جسدها قاتلًا الجسد ، و إيليا نفسه إخترق بفعلتهِ قلبها فدمرها قبيل موتها !
ما استطاعتْ التي ترى عينيّ ولدها خاويتين من البشرية إلا أن تمد يدها نحوه وتلمس وجنتهُ بضعفٍ باكية
- لما إيليا .. لما لا تبكي حتى ؟!
إنتشلَ النصل المميت فسقطَ الجسدُ دون إنتظارٍ مرتطمًا بالأرضِ بقوةٍ زلزلت كيان هايسانث وما أثرتْ في نفسِ إيليا شيئا !
- ل- لماذا ؟!
عاد الوعي له بشهقةٍ مصدومة ، إلتفت بسرعةٍ أخافتْ هايسانث فوقعت عيناهُ عليها .. تبًا !! لا يريدُ هذا
إرتجفتْ اطرافهُ وتسارعت أنفاسه ، ما كان عليها ان تستيقظ !! لما عليها أن ترى هذا ؟!!
هي الوحيدة .. هي الوحيدة التي لا يستطيعُ أن يواجهها ابدًا بهكذا حال !!!
ارتجفت يدهُ التي تمسكُ بالسيف بشدة متصنمًا ، فكيف بهِ يتصرفُ الآن ؟!
هرعت صوبه تتمسكُ بملابسهِ تهزهُ منها بجنونٍ صارخة
- لما ؟!! أخي إيليا لما فعلت هذا ؟! .. قل لي بإن هذا كذب !! أخبرني بإن هذا غير حقيقي !
عيناه المتألمتانِ ما كان منهما غيرُ تحاشي النظر في عينيها المكسورتين .. توقفتْ عن هزهِ حينها والنيرانُ من حولهما تستعرُ أكثر واكثر
الدخانُ إنتشر ، هايسانث بدأت تختنق لضيقِ تنفسها . دفعها إيليا بقوةٍ بعيدًا عنه حتى كادت تفقدُ توازنها وتسقطَ أرضًا
بإبتسامةٍ منكسرةٍ أسمعها ما تريد
- هذا ليس كذبًا هايسانث .. هذا هو الواقع !! إنه أكثر إيلامًا مما يتصورهُ أي احد !
وقفتْ دون أي قسماتٍ واضحة ، إلتفتتْ متجهةً لمكتبِ والدها .. لعلهُ هو .. ينقذها من هذا الواقع
اوقفها بعبارته السقيمة
- لا فائدة . ويليام نوكتيس قد مات منذُ فترة ، قتلتهُ بسم وضعتهُ في الطردِ الذي ارسلتهُ إليه
شلّت حركتها ، إنتفض قلبها وما أستطاعت منعَ الدموعِ من الإنهمارِ على وجنتيها بحرارةٍ لاذعة
كانت تريد الصراخ . حاولت ، إلا إن لا صوت خرج مع الدموعِ الحارقةِ التي سقطت من العينين اللتين تمنيتا لو كانتا بحالةِ العمى .. كي لا تريا هذا الحدثَ الأليم !
فُجع كلٌ من عقلها وقلبها ، تناولت النيرانُ صوتها وحبستهُ بين تراقصِ لهيبها ،صرختْ بأقوى ما يكمن دون أن تدري أن كل صرخةٍ تصرخها .. تدمرُ قلبَ الواقفِ خلفها
هو كذلك بكى .. بكى بحرقةٍ ما توقع إظهارها .. كان صامتًا أثناء بكائهِ يغمضُ عينيه مناجيًا الظلمة .. لعلها تقيهِ من هذه الذكرياتِ يومًا ما !
خمدت مشاعرهُ مجددًا . عادت عيناهُ لتعبر عن خلوِ صدرهِ من أي ندمٍ أو شعور
إلى ظهرها نظر بحدةٍ يتعطش لقتلها كما كان حالهُ حالَ وفودهِ للمنزل ، بدون أن تشعرَ هي تحرك بسيفهِ مسببًا جرحًا عميقًا في ظهرها .. سقطتْ على الأرضِ غير قادرةٍ على الحراك
وتوقع أن تستلم لما ابدتهُ من الإنهيار . إلا أنها صدمتهُ بوقوفها مجددًا مواجهةً لهُ بخطين غير منقطعين من الدماءِ على حوافِ شفتيها
بإبتسامةٍ منكسرةٍ كما إبتسامتهُ السابقة نظرت إليه تمسكُ بالمقابلِ لها من السيف بيدها التي جُرحت على إثرِ ذلك بشدة
- تريدُ .. قتلي ، اخي ؟
بحجوظِ عينيهِ الوحشيتين صمتَ دون أن يجيبَ عليها ،فهمت هي الإجابةَ التي اوصلها دون النطقِ بها حتى ،
إتسعتْ الإبتسامةُ المنكسرة .. مع الدموعِ المنهمرةِ من عينيها !
حلّ الصمت ، وكأنما النيرانُ ولظاها الحارقُ قد خمدا للحظةٍ اشبه بالسنين الطويلة ، في لحظةٍ من اللحظات ..
انكسرتْ الروابط ، إنفكت العقود و حُلّ الحبُ أبديًا إلى الممات
وقعت الكارثة ، وعم السلامُ روحَ الذي ارتكبَ المجزرة .. عارفًا أنهُ للأمواتِ لاحقٌ لا محال ..
وفي لجةِ ذاك الصمت ولوثةِ الشيطانِ بخَبَالٍ اكيد .. هايسانث التي تمسكُ بطرفِ السيفِ سحبتهُ بقوةٍ طاعنةً نفسها
فتتسعُ عينا شقيقها صدمةً بلا أي إستيعاب !
عيناها الرقراقتانِ بالدموعِ حدثتاهُ بصوتٍ متقطعٍ خافت
- إن كنت تريد .. إحمل هذا الذنب طوال حياتك ، ولكني لن احملك ذنبَ قتلي !
إنتشل السيفَ بسرعتةٍ فسقط جسدها .. كما سبقهُ جسدُ والدتها قبلها .. القى إيليا السيفَ دون أن يدري وجسدهُ رغم إرتفاعِ درجةِ الحرارةِ الشديد .. يرتجفُ كما لو كان في مركز البردِ جالس !
صرخ .. فقط صرخ بألمٍ حتى كادت أحبالهُ الصوتية تتقطع .. هو إبنُ السادسةِ عشر .. قتل عائلتهُ كلها في ليلةٍ هادئة مقمرة !
وسط اللهيب .. رفع رأسهُ للسماء يضحكُ بجنونٍ ويبكي في آن !
القهقهات المتتالية من النفس الأمارةِ بالسوء ، الهقهقاتُ المتتالية للخطيئة التي تناسلت عبر اوردته إلى الحياةِ عائدة
حمل نفسه بالإبتسامةِ المجنونة .. خارجًا من المنزل .. وتاركًا إياهُ للرمادِ حائل !
والتي كان من المفترض أن تلاقي الموت لا تزال متشبثةً بطرفِ حبلِ الحياة ، زحفت بأقوى ما يمكنها صوبَ بابِ مكتب والدها .. والدماءُ منها تتدفقُ بغزارة
إستعانت بالجدار كي تقف وحالما كادت تسقطُ تمسكتْ بقبضةٍ الباب ففتحته دافعةً إياهُ بأقوى ما تملكهُ من الطاقة ، إستندت على طرفِ الباب تنظر لما داخل الغرفةِ بإنكار وفجيعة .. !
على ركبتيها سقطت والدموعُ حقًا تنهمرُ مدرارًا من العينينِ الزرقاوتين ..
والدها على كرسيٍ جالس والسيفُ امامه مثبتُ على الأرضِ بيديهِ متخذًا جلسةً ملكيةً بحتة .. وجسدهُ كلهُ ينزفُ بغزارةٍ .. ميتًأ !
عيناهُ الزرقاوتانِ تنظرانِ إليها .. وهما لا تدريانِ لأي شيءٍ تنظران
تلك الوضعية المهيبة .. قد استنفذت كل ما بقي من الوعي في نفسها .. فسقطتْ على الأرضِ .. متأكدةً من الموت !
ولا تدري بعدها .. من حملها خارج المنزلِ المحترق !
إلا أنها تعرفُ شيئًا واحدًا اكيدًا هي في تلك الليلة خسرت جزءًا من نفسها للموت .. وبات الجزءُ الآخر .. معلقًا بين العالمين
عالم الأموات .. وعالم الأحياء !
- إنتهى -


- آنسة هايسانث
ما اعادها من ذكرياتِ الليلة المقمرة النارية إلا صوت سولومون الهادئ
ما اكمحت رأسها إليه بل بقيتْ مطأطأةً إياهُ بإنكسارٍ تام .. للجرمٍ الذي اقترفهُ سولومون للتو في حقها !
اعادها .. اعاد الرغبة العميقة في قتل شقيقها مرةً أخرى .. تلك الرغبة التي بها قتلت العشراتِ بعد أن انقذت من الموت محترقة !
حالما شاهدها بهذهِ الحالة أدرك انها غير مؤذية .. بل فتاةٌ عادية منكسرةٌ ضعيفة !
بخفةِ حركاته فكَ أسرها من الأصفادِ التي كبلها بها قبلًا كي يرغمها على الإستماع لما يقوله .. وبقي جالسًا على ركبةٍ واحدة فقط يدنو منها محدثًا
- آنسة هايسانث ، عليكِ أن تعلمي ان ما قلتهُ هو في مصلحـ ..
قُطعتْ العبارة باليدينِ اللتين احاطتها برقبتهِ والجسدُ الذي عانقهُ بقوةٍ كبيرة ، تخشّب مكانهُ كالصنمِ مشدوهًا من حركةٍ مباغتةٍ كهذه
ما عرفَ كيف يتصرف بالتي تعانقهُ بقوةٍ كبيرة .. لما هي تفعلُ هذا اصلًا ؟
- سيد سولومون ..
- م-ماذا ؟
- دفاعك مفتوح
- ماذا ؟!
دفعتهُ من صدرهِ بقوةٍ كبيرة ، وقفتْ وهو لا يزال على الأرضِ جالسًا فأشهرت المسدس في وجههِ تحت تفاجئهِ الشديد
دون تفكيرٍ أدرك .. بإن ذاك المسدس خاصٌ به !! هي قد سرقته بتلك الحركةِ الرخيصة ..
- لعينة !
جحظت عيناها ، تلونتا بالإنتقامِ وشهوتهِ ... ووحشيته !
- وفي نهايةِ كتابِ معركةِ بابل خسرَ لوسيفر ومات مايكل .. وأنت كلاهما سيد سولومون !
دون أن تعطيهِ فرصةً كي يتكلم .. اطلقت النارَ على كتفه وهي تعلم بإن الرصاصة في فوهةِ مسدس KOZ – 12 رصاصةٌ مخدرة !
أخفت المسدس بين ملابسها وخرجت مسرعةً من الشقة .. تنوي الفتك بـ إيليا !



جلُ ما ارادهُ هو أن ينسى أمرَ الفتاةِ التي اتضح كونها أبنة أكثرِ رجلٍ يكرههُ في الوجود !
لذا فعل هذا .. كعادتهِ التي لا تتغير ، كونهُ زيرَ نساءٍ فهذا أمرٌ حتمي
- آهٍ يا قططي الصغيرة ، من الحرامِ أن اترك جمالي لنفسي وحسب . الا تعتقدن ؟
الفتيات المتمسكاتُ بهِ صرخن مفتوناتٍ بجمالهِ الأخاذ وغرورهِ الفتّان !
تمسكَ بهنّ من اكتافهن يتحدثُ عن جماله أكثر وأكثر ... واكثر !
- حسنًا إذن أخبرنني كم أنا جميل ، لتبجلنّ هذا الجمال للأبد يا قططي الصغيرة
قهقه بغرور ، يحركُ خصلاتِ شعرهِ يظهرُ علو منزلتهِ عنهن .. هن اللاتي لا يقتربن حتى من اظافره في المنزلة !
وريثما هو في هذا الحالِ إستطاعَ ان يلمحها من بعيد ..فتعودُ ملامحُ القاتلِ داخلهُ للظهورِ مجددًا
ترك الفتياتِ تحت معارضتهنّ فما كان منه غير نظرةٍ حادة حدجهنّ بها فأرتعبنّ وتركنهُ في حالِ سبيله !
بخطواتهِ السريعة سار صوبها .. مخرجًا مسدسه وسط جموعِ الناس .. لم يهتم لوجودهم حقًا ، كلُ ما ارادهُ هو ادماءُ قلبِ والدها الميت ! وجعلهُ متحسرًا عليها من قبره !
اطلق رصاصةً افزعت كل الحاضرين . فهربوا جميعًا نافذين بجلودهم من الساحةِ العامة للتجمعات
وقفت هايسانث التي لم تصب بالرصاصة وباتت تنظرُ للذي يريد محقها بعيونَ باردة .. تحاول تذكر قسماتِ وجههِ التي تبدو مألوفةً بشكلٍ غير إعتيادي
لا تنكر بإن نظراتهِ لها .. قد اوجفت قلبها بعض الشيء ، ولا تنكر كذلك بإنها ومنذ فترةٍ طويلة لم تشعر بهذا الحذرِ تجاه شخصٍ ما .. هذا الرجلُ مهيب !
- سأحرق قلب والدكِ عليكِ .. يا إبنة ويليام !
- حتى وهو ميت ؟
- أجل
- مثيرٌ للإهتمام
اطلق النار من جديد متعمدًا أن يصيب وجنتها وحسب ، تفاجئ قليلًا بثباتها وبخلو عينيها من الرغبةِ في الحياةِ حتى !
القى المسدس جانبًا وسار بخطواتٍ بطيئةٍ إليها .. هي التي لا تزالُ واقفةً بلا حراك ،
صوت سياراتِ الشرطةِ البعيدة ما اربكه او اربكها ، حالما وصلَ إليها وقف خلفها ملصقًا السكين برقبتها
- اتذكر جيدًا حينما هزمتي آلداس .. كان عرضًا مثيرًا للإهتمام
بنصفِ عينٍ أخذت نظرةً سريعةً له وقد اصاب توقعها في هويةِ هذا الرجل ، تجاهلت ما قاله لتركلهُ ركلةً خلفية آلمت معدته
ما اظهر قسماتِ الألم مستعيدًا توازنه ، ودافعًا بقبضتهِ صوبها لاكمًا وجهها بقوة !
ما اكتفى بهذا ، بقدمهِ اليسرى سدد ركلةً إستطاعتْ صدها بصعوبةٍ بالغة وهي قرارتها اقرّت
- هذا الأسلوب .. بلا ريب هو ..
قاطع أفكارها تناولهُ للمسدسِ الذي القاهُ سابقًا ، واطلاقهُ مباشرةً لرصاصةِ قطع بها عصب قدمها اليمنى
- تبًا ..
- أنتِ مثلي أليس كذلك ؟ أنتِ عسراء ولكن بدونِ قدمكِ اليمنى لن تستطيعي الوقوف !
كيف عرف ؟! .. كيف عرف بإنها عسراء ؟! من المستحيل ان يذكر هذا في ملفاتها الطبية .. ولا في اي مكان ... إذن كيف عرف بشأنٍ أمرٍ كهذا ؟!
قررت تجاهل الوضع ، أخرجت المسدس من بين ملابسها لتشهرهُ في وجههِ كذلك ،
إبتسمَ ساخرًا منها بحدة ، مقتربًا منها ومتحدثًا بإزدراءٍ واضح
- اهذا ما انتِ قادرةٌ عليه ؟ كما اذكر كنتِ أنتِ وإيليا جيل المعجزاتِ لدى الحكومة .. فما الذي حدث لكِ الآن .. هايسانث ؟!
قسماتهُ هذه .. تذكرها بشخصٍ تعرفهُ تمامَ المعرفة .. ولكنها غير قادرةٍ على التأكد
الصقَ فوهة مسدسه على جبينها وقهقه بهستيريةٍ مرددًا
- هذه النهاية .. ارسلي قبلاتي الدامية لـ ويليام في القبر !
وقبل أن يطلق ظهرت سيارةٌ سوداء رياضية في المكان ، تفاجئ كلاهما بهذا خاصةً وأن شخصين يرتديان السواد منها ترجلوا
متجهين نحوهم ، وقفا امامها وتحت تعجبِ الإثنين قاما برشِ مخدرٍ اوقعهما ارضًا ، قاما بحملهما وغادرا في السيارةِ قبل ان تصل الشرطة !


- لما تركتها تذهبُ لوحدها ؟!!!
صرخَ أوديسيوس بحدةٍ يعاتبُ كوديليوس على ما اقترفهُ للتو !
بات الأخير يرتجفُ خوفًا من صراخِ أخيهِ عليه فاحتمى بإن وضع يديهِ فوق رأسهِ مرتجفًا !
- ألم اخبرك ألا تترك فيميليا تخرجُ لوحدها ؟! هل أنتَ احمقُ أم ماذا كوديليوس ؟!
وجههُ كما الأطفال حينما يتم الصراخُ في وجوههم ، تجمعت الدموع في عينيهِ مدافعًا عن نفسهِ بشراسة
- ولكنها قالت بإنها ستكون بخير دوني ! وقد كنتُ مشغولًا بصناعةِ سلاحٍ جديد ! لم يكن لدي خيارٌ آخر
إشتعلت النيرانُ من حولِ أوديسيوس يمسك بأخيهِ من رقبتهِ بقوةٍ صارخًا
- هذا ليس عذرًا كودي ! أتريد أن اضربك بالسياطِ الحديدي ؟!
صرخكوديمن الخوفِ يحاولُ أن يهرب من قبضةِ أخيهِ بأقوى ما يملك .. لكن دون جدوى
- اتركني أيها الأخ المتوحش ! أتركني
ركلهُ أوديسيوس بقوةٍ ثم سار تاركًا إياهُ يدندن بلعناتٍ تجاه الغبي كوديليوس !
- تبًا !! تلك الفتاةُ لا تتعلم !! أنسيت آخر مرةٍ خرجت فيها لوحدها ؟!
لن يشعر بتحسنٍ بدون أن يفعل هذا ، ضرب رأسهُ بالجدار بقوةٍ حتى تورم .. حينها شعرَ بإن أعصابهُ قد هدأت
إلا أنه بات يرتجفُ من الألمِ الذي سببهُ لنفسه
- ت-تبًا .. يالي من احمق !
- كالعادة لا تتغير !
اعاد هذا الصوتُ المألوف .. شوقًا غريبًا لنفسه ! فالتفت لصاحبتهِ بعيونَ تلمعُ أشتياقًا بحتًا !
وجدها واقفةً أمامهُ تبتسمُ بحنانها المعتاد .. هي التي بمثابةِ الأم تكون له على الرغمِ من أن لا علاقة بالدمِ تربطهما !
- والدتي !
- مرت فترة اودي ، كيف هي أحوالك ؟
إبتسم كطفلٍ صغير ، دنى منها منحيًا فقبل ظاهر كفها بسعادةٍ بالغة
- باتت احوالي كلها بخيرٍ لرؤيتكِ والدتي !
وقفَ يبتسمُ لها بوجنتين متوردتين كما هي تربتُ على الورمِ الذي سببهُ لنفسه
وفي ذات الثانية حصل على وكزةٍ مؤلمة من الشخصِ الواقفِ خلفها ! رفع عينيه بغضبٍ عارم لتقعا عليهِ مبتسمًا بهدوءٍ و شماتة
- رودين !! مستحيل .. قالوا بإنك قد مت !!
أغمض عينيه بإبتسامةٍ واثقة ثم اجاب
- ابراهام ويلسون هو من مات وليس انا ..
بإستهزاءٍ أردف اوديسيوس
- على الرغمِ من أنكما شخصٌ واحد !
ضحكت ساباثان عليهما ، ثم وقفت تضعُ يدها على خصرها متحدثة
- اردنا ان نعيد رودين ، إنتهت مهمة تجسسه على الحكومة فما كان لنا من خيارٍ غير أن ندعي قتلهُ ونعيدهُ إلى هنا ، في النهاية قد مرت فترةٌ طويلة منذ أن تنكر بإسم ابراهام ويلسون !
إبتسم بهدوءٍ أوديسيوس ثم اجاب
- أجل انتِ محقة يا والدتي !
ارخى رودين يدهُ على كتفِ أوديسيوس سائلًا إياهُ بفضول
- إذن أتعلم أين ذهب والدي ؟! لم اعثر عليهِ بعد
- سيادته ؟ لا أدري حقًا .. ربما يكون في غرفة الدببة المحشوة ..
- ذلك اللعين !!
غضبتْ ساباثان ، وقبضتْ قبضتها بقوةٍ متوعدةً شبيه الرجال ذاك !!
- لا يتعلمُ ابدًا عاشق الأموالِ ذاك !! عليهِ ترك إهتمامهِ بالأمورِ اللطيفة وإلا قطعت رؤوس جميع الدببة المحشوة !
ساخرًا منها مع رودين ، أوديسيوس همس بشماتةٍ واضحة
- ألا تشعرُ بالغيرة من الدببة ؟!
- أنتَ محق !
أعطتهما نظرةً حادة فسكتا ، هزت رأسها بغرورٍ وقدمها تهتز من وعيدها لزوجها الاحمق فريدريك !
سمعت صوت خطواتٍ مسرعةٍ باتجاههم فالتفتت تراهُ راكضًا بنعومةٍ متجهًا إليها
كان يلوحُ بيده والجو من حولهِ عبارةٌ عن حقلٍ من الأزهار المتفتحة
- عزيزتي !
يقولها مبتسمًا ضاحكًا سعيدًا .. شعرتْ هي بالتقزز .. و رودين وحسب كاد يعمى من سطوعِ والدهِ المبالغِ به
حالما أقترب قفز كي يعانقها مشتاقًا إليها ، إلا أنها ركلتهُ بقوةٍ صارخة
- يا شبيه الرجال !! كنت مع الدببة المحشوة مجددًا ؟!!
وقف يظهرُ دبًا من بين ملابسهِ فأمال رأسهُ مبتسمًا
- أجل ! كنتُ أخفي فيها المال الذي تسرقينه على الدوام !
اشتعلت غاضبةً تصرخ
- اللعنة عليكَ أيها البخيل !! كل ما اريده هو عشرون الفًا لشراءِ الحذاء الأرزقِ الجميل !!
شهق مفجوعًا بملامحَ مرعبةٍ غايةٍ في البخل ! صرخ ببحةٍ مرعبة
- إياكِ ولمسُ أموالي يا عدوة الله !
وقفَ شعرُ جسمها وكادت تنقض عليه قاتلةً إياهُ لولا أن اوقفها ضحكُ رودين واوديسيوس عليها
- والدتي !! تبدين كعجوزٍ بدينة !!
- أجل أنت محقٌ تمامًا !
ضربتهما على رؤوسهما ضربةً أنستهما أسمائهما ، الفتت لزوجها صاحبِ الإبتسامةِ البريئة فشدتهُ من شعرهِ تهمسُ بشيءٍ ما في اذنه
إنبهر حقًا وتوردت وجنتاه يسألها بتأكيد
- حقًا ؟
- أجل اجل !
- لا بأس إذن .. سأنظرُ في موضوعِ الحذاء !
إلتفتت للمضروبينِ بنظرةِ نصرٍ أكيد ، فصرخ رودين مستفهمًا
- ما الذي فعلتيهِ أيتها المشعوذة ؟! ما الذي حل بوالدي البخيل ؟!
لمع الجو من حولها تعقب تهز كتفيها
- عندما تعرفُ شخصًا لأكثر من عشرين عامًا فأنتَ تعرفُ كل شيءٍ عنه !
لم يرد رودين ان يعرف .. ما قصدت والدتهُ بهذا ابدًا !



خرجت من آخر محلٍ وجبَ عليها ان تزوهُ من أجلِ التسوق ، شعرت بالقليل من القلقِ على كودي
فلابد من أن اوديسيوس يعاتبهُ بشدةٍ الآن ، هي فقط ارادت ان تختلي بنفسها وتتسوق لبعضِ الوقت .. فما الضيرُ بهذا ؟
- سأعتذر لكودي حالما اعود ، مسكينٌ ذاك اللطيف
تنهدتْ بصداعٍ حينما تذكرت الأكوامَ الهائلة من الملفاتِ التي عليها ان تحلل بياناتها .. لو كان دانتي هنا لأجبرتهُ على المساعدةِ بلا ريب !
باتت تسيرُ وحسب بكرسيها المتحرك ، شادةً أنظار الجميعِ إليها .. قاومتْ الإحراجَ التي تشعرُ بهِ على إثر ذلك .. اجل فهو لأمرٌ مخجل أن تجد نفسها الوحيدة التي تستعمل الكرسي المتحرك من اجلِ السير !
- قاومي فيميليا .. قاومي !
إبتسمت بثقةٍ مجددًا ونظرت مباشرةً لطريقها متحمسةً للعودة وبدأ العملِ مجددًا !
ولم تكن تدري .. بإن الذي خرجَ للتو من شقة هايسانث .. كان يسيرُ مباشرةً في طريقها نفسهِ كذلك !
تنزفُ منه الدماء عبر كتفهِ المصاب بالرصاصة ، ملامحهُ ما دلت على الألمِ مطلقًا .. فقط يسير تاركًا بقعًا من الدماءِ خلفه لتدل على أن سولومون كومباتلويس كان هنا يومًا !
غرقَ بالتفكير فيها .. تلك التي اطلقت عليهِ دون هوادة .. يالها من غريبةِ الطباع ، فكّر فيما فعله .. كم شعر بالراحةِ لهذا ..
والآن فقط عرف بإن خطتهُ تسيرُ على اكمل وجهٍ بالتأكيد !
ريثما هو في حالهِ ذاك ارتطم بشيءٍ ما فتألمَ بعضَ الشيء ، نظرَ أمامه بعد ان ادرك الصدمة فسمع أولًا صوتًا انثويًا يعتذرُ منه بشدة
- أنا آسفة ! لم اقصد ذلك ..
اكمح رأسهُ للتي تحدثت، فتتسعُ عيناه إرتجافًا .. كما إتسعت عينا التي نظرت لوجههِ مباشرةً
كان مصدومًا من رؤيتها .. ما توقع ذلك ابدًا !
أما هي .. فقد أرتجفت بشدة ووقعت الأغراضُ من بين يديها على إثرِ الصدمة ، لا تزالُ تنظرُ إليهِ متصنمة ، وعلى مجفليها الدموعُ تجمعت !
كانت تبدو كالمجانين .. تطأطأ رأسها ممسكةً بهِ وتدندنُ بعباراتٍ ما وترتجفُ بشدةٍ في آنٍ واحد !
عادت ملامحهُ جامدةً مجددًا فشعرتْ هي بهِ يتحرك ، أكمحت رأسها إليه لتراهُ يتجاوزها في السير ، ناظرًا إليها بنصف عين .. مبتسمًا إبتسامةً شيطانية محتقرة !
جفّ حلقها ، انتفض جسدها .. و اسودّت عيناها رعبًا ! .. اسرعت عائدةً الى السيارة التي جلبتها للمدينة ، وبسرعةٍ خارقة وصلت مرةً أخرى للمقر بعد اكثر من نصفِ ساعة ،
حالما دخلت .. عاودت ترتجف شاهقةً بألمٍ كبير ، وإماراتُ الفزع لا تنفك تكبرُ على وجهها !
حاولت تحريكَ الكرسي ولكنها فشلت فوقعتْ عنهُ على الأرض متألمة ، باتت تزحف ، تحاول الهربَ منه .. تشعرُ بإنه سيصلُ إليها مجددًا !
ولكنها توقفت بعينينِ قد جحظتا خوفًا .. ضمت رأسها وصرخت صراخًا مريرًا ..ايقظ الجميع مما كانوا يفعلونه
صراخها كان مريرًا ، مؤلمًا ، حارقًا ومنكسرًا !! ولم تقل الدموع المنهمرةُ من عينيها .. ألمًا عن الصراخِ الحاد !







الإسم : ويليام نوكتيس
الحالة : متوفي
العمر عند الوفاة : 37 عامًا
نبذة : أدميرالٌ في الجيش وصاحبُ سلطةٍ عالية كونهُ كذلك
القائدُ الأعلى للجيش البريطاني ، هادئُ الطباع ، ذكيٌ جدًا وغامضٌ كثيرًا




الإسم : أسيدانس نوكتيس
الحالة : متوفاة
العمر عند الوفاة : 36 عامًا
نبذة : عبقريةٌ وهذا اكيد ، انقذت بريطانيا قبل عشرين عامًا بإختراعها
لعدةِ اسلحةٍ جعلت من الحربِ على بريطانيا .. امرًا خطيرًا ، مرحة الطباع
امٌ حنون وليست من الذين يتبعون الظلام !




الإسم : ساباثان شال هاتريك
العمر : 37 عامًا
نبذة : زوجة فريدريك ، اسمها السابق كان فيتونيا بيولا إلا إنها غيرتهُ
لإرادتها بقطعِ الماضي عن حاضرها ، قد تكون مهيبةً إلا أنها حنونةٌ ودائمًا ما تغضبُ من زوجها لشدة بخله !




الإسم : رودين شال هاتريك
العمر : 21
نبذة : إبن ساباثان و فريدريك ، هو نتيجةٌ علاقةٍ غير شرعيةٍ بينهما حينما كانا مراهقين ، ولكن هذا لم يمنعهُ من أن يحب والديه ، ولم يمنعهُ من أن يغدو جاسوسًا بارعًا سرق كثيرًا من اسرارِ الحكومة ، تنكر بإسم ابراهام ويلسون ولكنه فسخ التنكر وعاد لموطنه !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

WHAT THEY SAY

  • " The thunder merged with the sorcery uncovering the mighty power of doom lurked within the hearts , deceiving the morn merely a man he was , swung between lust and sloth hence , my darling the road had just begun Atras was created , and it flames will never be extinguished maim the truth , you have just lied and cease the float of power above what a serpent crawled deep inside , till it fed all on me ? I loathe you my apollyon , why do I love you erupt the war , I'm here standing till my last breath ? oh slumberless nights , where do I go to where shall me run to ? from his eye's

    he's the hunter of mine was it legit ? to prove that he was there sleeping unlike me , and destroying every last cult I need a truce , he shall not approve and I dread under his rule , apollyon was the only fool his siege , an eternal ecstasy and must the mourning remain still until he decides not to fill the ill accusing himself of the treachery it was nice to learn a tranquility lament for me , it's my aftermath .

    Arlette to Apollyon,Thousand Years Back
  • " Let me be the one you believe in I will save your soul for a live after death Satan embodies the satisfaction of desire And not a life of abstinence Satan embodies the rigorous existence And not the spiritual fantasy

    Satan embodies absolute wisdom And not a holy self-deception Satan will give your favor And no love to the thanklessness Let me be the one you believe in I will save your soul for a live after death Satan embodies revenge In fact of a fault in a second time Satan embodies responsibility To the guys of sound mind Satan embodies all the sins...

    Kazu To Enemies,Valeran War

CONTACT ME

Template By Templatium | Distributed By My Blogger Themes