حيث لا تصلني فيه صرخات الاشباح الهائمة في الضباب
هل يفيدني حقاً هذا الاصرار في النجاة ؟
تلك المشاعر اللعينة ! وهذا الالم السرمدي اليس كله الى نهاية حائل ؟ ومتى تلك النهاية اذا ؟
تكفيني الالام التي لم اعهد لها من مثيل ولستُ اريد ان ابقى هنا دون امان ، انا التي كانت بكل لحظة تهان وحيدة بين براثن الذئاب !
لا يستوي الاعمى والبصير في كفة ، كما لا تستوي الحرب مع السلام في كفة كلنا الى هاوية ساقطون ، شئنا ام ابينا ..
فنحن الى الاغلال مقادون
" اوتشيها آيـآمي "
الفتاة التي ما ان تعيش سعادة حتى تحول فاجعة تشعل نيران المها من جديد ، بعباب المحيط السرمدي و بطغيان راجحٍ على كيانها كله ، واقعة على سطح مياه عكرة عقيمة الفائدة وأكثر من هذا كثيرة الاوبئة
وحينما يندلق كأس الذكريات من بين يديها هاوياً على الارض وينسكب شراب البنفسج منه ناثراً عبيره على الاجواء الضبابية
حينها تدرك نفسها وتدرك ان مسرحيتها قد انتهت ، وان زمان ارتداء اقنعة الخداع قد انجلى ، وبعدها تجد الخيوط التي تحكمت بها مطولاً !
لتغمض عينيها بألم شديد ويتبادر الى ذهنها الكثير من التخويف والترويع ، فاقدة الامان ، متسترة خلف جنح الظلام و منتهزة الفرصة لقنص جميع الارواح
ولكنها تغطي نفسها بغطاءٍ سميك مغلق لا ينفذ منه ضوء الشمس ، قابعة وسط معمعة اختلاجات مشاعرها وتغدو متزمتة بائسة لا حول لها ولا قوة
ترنو على ظلال الظلام بشوق كبير وكأنما تكوينها هو نطفة مظلمة غمّست في الضلال والوهن ، آمالها سرابٌ تنعقُ عليه الغربان بكبرٍ مهزوز وتنهش من لحم جسدها بدماءٍ قاحلة السواد
وهاهي السماء المدلهمة بالغيوم الان – كما عرفتها من قبل – بغيومها الفضية التي تحبس اشعة الشمس وتجعل العالم ما بين النور والظلام
هبتْ رياحٌ عاتية حركت اغضان الاشجار بحفيف مرعب جعل شعر اجساد الانس يقفُ مفزوعاً من رهبة التخويف الذي يتمتع به ، ارعدت السماءُ بعض الشيء وهي بلا وعيٍ كافٍ حتى تدرك ما يحصل لها الان
رحم العتمة التي اخرج هسيس اشباحٍ دامغة حمرة العينين ، ذلك الوحش الدغلي الذي جثمه الليل بأخيلته البهيمة ، دمائها القرمزية تنتشر لتروي الارض حتى تنبت ازهاراً حمراء تحمل السخيمة في تكوينها ، وترنو الى ضحاياه بعيون حقود
بدون ان تشعر بما تفعله رفعت يدها اليمنى ناحية السماء ورددت بضعفٍ وضياع
- انا من اكونُ حقاً ؟
سقطت يدها على الارض لتقع في غيبوبة نومٌ قد لا تستيقظ منها بعد اليوم ، احتلالٌ طاغٍ من قبيلة استوطنت ارض العدو بعد ان ذبحوهم في ليلة مقمرةٍ اشتعلت بنحيب البشر المتداعيين على قارعة طريق النسيان
حينها كان الطشُّ هو ما غسل بعضاً من حمرة دمائها وجعل عينيها تبكيان وهما لا تدركان ان هذا البكاء بعقيم الحلول ، ومن بعيد لاح صوت الرعد مزمجراً بحزن والم ، حيث شق السماء وصدعها نافذاً حتى يعزي من كان يوم جنازته في فرحِ عيني غيره
لهاثٌ حاد اقترب منها باحثاً عن امرٍ ما ، عينان زرقاوتان اشتعلتا بالقلق والخوف المريع
لتجد بعدها الجثة الهامدة على الطرقات ، وحيدة تصرخ بقلبها على آهات الايام ، ازمعت اليها راكضة لتحملها بين ذراعيها وتهدي باسمها صارخة
هزتها كما تهز الرياح الثمار ، ولكن اجابة لم تشفي غليلها ، ركزت في عينيها اللتين لم تفقها شيئاً بل كانتا ضائعتين وسط المجهول المغبر
تسارعت دقاتُ قلبها و ازدادت حدة تنفسها وهي تشعر بدموعها الحارقة تذيب جلد وجنتيها بسرعة مؤلمة ، احتضنتها وشهقت باكية بحسرة ، لم تستطع مساعدتها ولم تتمكن من ان تمنع احدى اشواك القدر الشائكة
قهقهة مهيبة احتلت اذنيها فجأة ، تصنّمت عيناها على انبلاج شديد وصدمة عارمة ، التفتت بهدوء على جانبها لتشاهد الامرأة الشقراء الخبيثة تقف رامقة اياها بشر مطلق
زمّت على شفتيها لتردد حانقة متوعدة
- آيـآكا ؟
اتسعت ابتسامتها ، دنت الى مستواها وهي تنظر اليها متفحصة في كل تفصيلٍ فيها
رددت بهدوء
- مارينا اذا ؟ ، اجل انت مثالية لـ ساتي كثيراً
تحولت ملامح مارينا الى الرعب المطلق ، عيناها كادتا تقتلعان من الغضب الذي تشعر به في تلك اللحظة ، اقتبست الهدوء من داخل وجدانها لتقول منفعلة
- ما الذي تريدينه من ابنتي ؟!
قهقهة اخرى خرجت من بين شفتيها لتعقب بعدها بخبث واضحٍ على قسمات وجهها
- انها صديقتي ان لم تعلمي ! ، اريدها كلها ! سوف اتملكها واحصل على ما كان حقاً لي من البداية
شدت بيديها محيطةً آيـآمي غير الواعية لما يحدث هنا ، اخفت خصلات شعرها جزءاً من وجهها لتبقى عينها اليسرى التي تحولت الى الشارينجان فجأة ، تراجعت آيـآكا قليلاً ولتسترسل في حديثها محذرة
- اترين العاصفة التي تلوح في الافق ؟ ، هي بسبب وجودي في عالم البشر ، علي ان اعود الى عالم الشياطين و إلا نفي هذا العالم من الوجود !
اختفت من امامها وصدت ضحكتها في بقاع حقل الزهور الزرقاء ، اعادت مارينا ناظريها ناحية آيـآمي بخوف مفزع ، حملتها بين ذراعيها وهي ترى قطرات الدم تسقط كسيل نهرٍ جارٍ من رأسها
كبتت شهقتها و ازمعت ناحية كونوها راكضة وهي تحملها بين ذراعيها و ترجو ان الشر لن يطبق على رقبة صغيرتها هذه المرة
ولكنها لم تعلم ان داخل وعيها حديثٌ بين روحِ منشقة الى قسمين ، قد اقسمتا على الفناءِ معاً في وقتٍ ما عاد لتكات عقارب ساعته فائدة في تحديد ماهيته
وقفت متعجبة من دجى الظلمة لهذا المكان ، بردٌ قارس ، وشك فاتك ، لم تشأ ان تعلم اين هي الان ولكنها ارادت ان تفلت من بين يدي الظلام ، ولكنها توقفت
حالما شاهدت نفسها قبل ست سنوات تقف امامها بحزنٍ طاغٍ على محياها ، تعجبت من كون قطعة الذكريات هذه بوعيٍ من المفترض ان لا تمتلكه
دنت ناحيتها وهي تشاهد عينها اليمنى الحمراء اللامعة ، ابتسمت بهدوء وهي تردد على مسامعها بقليل من القلق
- ما الامر ؟ لما انتِ هنا ؟
تحولت عيناها ناحيتها فجأة ، غاضبة ومتلهفة لسفك الدماء ، ذعرت بعض الشيء من رغبتها العميقة في تحقيق الدمار ولكنها في نفس الوقت شعرت بالتوافق معها في هذه الرغبة ، فهما في النهاية شخصٌ واحد
اقتربت منها حمراء العين لتقول ببرود غاضب
- جنح الظلام ما كان ملجأً لنا في حقب الزمان الماضية ولن يغدو كذلك ايضاً ، وحوشٌ مثلنا مرتعها الوحيد هو القلوب البشر الضعفاء ، و لكن رحيلي لزومي الان ، وفقدانك لما لديكِ من صور هو امر حتمي قد اقتضاه القدر من اجل مضي الايام
انقبض قلبها من كلمات نفسها المتضاربة ، ارادت التكلم ولكنها بدأت تتلاشى امام عينيها كما تتلاشى الاشباح الرمادية ، وقبل ان تختفي تماماَ ابتسمت وقالت
- حاولي استعادتي ان اردتِ ، حينها سيكون ضوء الشمس مرشدك في طريق الدمار
وكأنما هي لا تعرف اسرار نفسها ، تلاشت تماماً كما يتلاشى الغسق وقت الاصيل و ترقد جثث الموتى في اللهيب
لتحول ملامحها سوداء وتختلط بحلكة ما حولها وتغمض عينيها نائمة مجدداً
دنى منه ماهوتي في ومضة عين ليمسكه من كتفيه صارخاً
- ساتان – ساما ! ساتان – ساما ! تماسك سيدي ، ارجوك تماسك ، ما الذي حل بك ؟
اما الاخر فكان مصدوماً غير مصدق ما آلم بوالده فجأة ، صرخ بقوة لاول مرة
- والدي ! هل انت بخير ؟! ما بك ؟ اخبرني ارجوك !
ولكنه لم يكن يستمع اليهم ، فالعذاب الذي حلّ به فجأة اخذ كل تفكيره ، لا يزال يضغط على جذعه الايسر بألم وعيناه مغمضتان من الالم القاتل
شعر بهاجس مخيف ، فتح عينيه ببطء وهو يشاهد خيالها يقف امامه مبتسماً وخط دمٍ قرمزي يسيل من فمها بلا توقف ، فجأة بكت دماءً سوداء حالكة ورددت بحسرة مهلكة
- آسفة يا والدي ، لم اتمكن من الوفاء بالوعد
لم يتمكن من قول أي شيء لان ذلك الخيال تناثر في الهواء كما يتناثر الرمل فيه حاملاً اياه الى اللا مكان
هنا ادرك واقعاً مستهجناً لم يمد لعالمه بصلة ، جنسٌ ما احتل كيان جسده بزوبعة من القلق الفاتك ، وقف وقلب كاد يتوقف من الخوف
احال ببصره ناحية تشيتوسي الواقف يخوف ليقول منفعلاً بغضب قلق
- تشيتوسي ! اذهب واطمأن على آيـآمي في الحال !
تفاجئ الاخر بهذا الامر المفاجئ ، جفل بعينيه متعجباً حتى اعقب باستغرابٍ شديد
- هل هناك امرٌ ما ؟ هل حدث شيء ؟
اتسعت عينا ساتان بغضب ، اردف بانزعاج بعدها
- لا اعلم ، ولكن اذهب لتنفيذ الامر في الحال !
انحنى تشيتوسي امام والده و ازمع خارجاً حتى يبحث عن آيـآمي وسط هتاف نفسه بمصيبة حلت على قلوبهم بجريمة قدر انطوى على نفسه ساخراً
من ناحية اخرى دلف مسرعاً متوتراً ولاهثاً وهو يبحث ببصره عن دانتاليون الذي شعر بأنه قد عمل مصيبة ضخمة هذه المرة ، وضع يديه على جذعه الايسر وهو يتلقف الهواء بهدوء محاولاً تخفيف وطأة القلق عن نفسه
حالما استقر باشر البحث عن شقيقه في كل مكان ، لم يترك دهليزاً في القصر الا وبحث فيه ، ولا غرفة الا قلبها معركة حتى يجده
ولكنه استطاع ايجاده بعدها جالساً بجانب نافورة المياه التي توسطت الحديقة الخلفية للقصر ، ابتسم بطمأنينة حالما شاهده ، اتجه ناحيته بسرعة كبيرة ليضع يده على كتفه مردداً بفرح
- دان !
انتفض الاخير مرعوباً وعيناه قد اسودتا من قوة الخوف ، فزع كازو لحاله وحالما شاهد ارتجاف دانتاليون الواضح حتى تبادر الى ذهنه هاجس اسود غير واضح الكنه ، حاول التكهن بالمصيبة ولكن اياً من افكاره لم تجعل شقيقه خائفاً لهذه الدرجة
نحت على وجهه الجمود والجدية ليردد ببرود وطغيان يرافقه نظرة سأقتلك مميتة
- ما الذي حدث ؟ هل فعلتَ امراً ما ؟
انكس دانتاليون رأسه و اشاح ببصره بعيداً عن كازو الذي تعجب هذا الفعل منه ، ازدرء دان ريقه بصعوبة وهو يشعر بأن جمجمته خالية تماماً من التفسيرات المنطقية لما فعله ، ولكنه كان خائفاً ... خائفاً لدرجة ان كازو استطاع الشعور به وهو في عالم البشر
ضم يديه ببعضهما وهو يرجو ان لا يقتله شقيقه حالما يخبره بحقيقة ما حصل معه ، رفع ببصره اليه ولكنه لم يكن متحلياً بالشجاعة كي يفعل ذلك
اقترب من كازو واظهر باطن كفه الايسر له ، نظر كازو اليه بقليل من التعجب حالما شاهد تلك الدائرة الموشومة على باطن يده والتي تخرج منها الدخاخين بشكل غير معقول
رفع ناظريه اليه مجدداً ليردف مستعلماً
- وما هذا ؟
لم يجبه ، بل اكتفى بالنظر مطولاً الى عينيه ، ولكنه قرر التحدث بعدما استبد الصمت به ، تنهد اولاً بعمق واردف بأعجاز في نفسه وبتبلد التقاعس عن الحياة
- اولاً دعني افسر مصيبتي الثانية وبعدها الاولى
- تحاول ان توالي الصدمات علي اليس كذلك ؟
- كلا ليس هذا ...
- انتقل للموضوع دان ، لقد كدتُ اموت خوفاً عليك ، لا اريد الترهات الان
- حسناً في الواقع ..
صمت بعدها ليزداد تعجب كازو منه ولكنه تفاجئ حينما ضم دان رأسه بيديه وجثى على ركبتيه صارخاً بحسرة ، صرخ بقوة كبيرة من اجل اطفاء نيران الندم داخله
- ما كان علي تحريرها ! ما كان علي تحريرها
لم يفهم كازو ما كان قصد دانتاليون من هذه العبارة غير المفهومة ، ولكنه صُدم حالما شاهده يضرب الارض بقبضة يديه حتى ادمت من شدة الارتطام ، القى بنفسه على الارض وامسك بيدي دانتاليون ليضمهما مع بعضهما بيديه ويقول زاجراً اياه
- توقف ايها الاحمق ! مهما كان الذي فعلته فهو لا يستحق ان تعذب نفسك لاجله !
اتسعت حدقتا عيني دانتاليون ليغمض عينيه بعدها ويردد بحسرة مهزوزاً
- بلى يستحق ! صدقني ما فعلته هو الجحيم بعينه !
- اخبرني اذا ! الستُ شقيقك ؟
- بلى ولكن ...
- هيا دان ! لا تجعلني الشخص الجريح هنا
- في الواقع ...
- اجل ..
- لقد حررتها
- حررت من ؟
- آيـآكا !
- .....
توقف عقله عن العمل فجأة ، وتحجر لسانه من هول الصدمة ، جفل بعينيه مراراً محاولاً ان يستوعب ما يقوله له دان ، شد على يدي دان اكثر وعيناه مصدومان اشد الصدمة
ردد بقليل من الضعف
- ولكن لماذا ؟
صمت الاخر من الخجل ، لم يجد قولاً يستطيع تفسير الجريمة التي اقترفها ، لا يوجد مبرر للحظة الضعف تلك التي استبدت به
اغمض عينيه وبدأ بسرد جانبه من القصة متكوراً على نفسه في صومعة نسيانه
- كنتُ غاضباً من جيرا بعدما عرفت بأنه يتعمد تعذيبي وجعلي ابدو ابلهاً ، ولكن غضبي اختفى فجأة ورحتُ اجوب جنبات القصر باحثاً عن كوو من اجل ارسال رسالة الى كريس ، في تلك اللحظة تحول المكان من حولي الي الضباب وحسب وتتابع صوت قطراتِ الماء وهي تسقط على بركة صغيرة يصدى في عقلي ، شعرت بالبرد القارس حتى حلت ضوضاء من اللا مكان وصمت اذني من هول علوها ، لاشعر بعدها بيد تطوق رقبتي وتهوي برأسي على الارض ليشرخ ويبدأ بالنزيف ، حينها شعرتُ بنفس اليدين الباردتين تقلب جسدي وتضع قدمها الثقيلة على صدري لاسمع صوت قهقهة اعرفه تمام المعرفة ، ادركتُ كونها آيـآكا في تلك اللحظة ولكنها كانت تضغط بقدميها على صدري ووصلت الى مرحلة الاختناق ، وكل هذا ولم استطع المقاومة !
- اجل اكمل
- وبعدها جلست آيـآكا فوقي واظهرت سكيناً فضية في راحة كفها الايمن ، لتهوي به مراراً على صدري وهي تطعنني بشدة ، حينها بدأتُ افقد وعيي ببطء ، لم اعلم السبب ولكنني هويت في مكان مظلم فجأة وبدأتُ بالسير حتى وجدتُ ورقة ضخمة امامي وعلى ما يبدو كانت تحجز الباب الذي يخرجني من حلكة الظلمة ، وحينها شققتها بسهولة وفتحت الباب لأدرك حينها الخدعة وتخرج آيـآكا من الباب وافتح عيني لأجد نفسي امام البحيرة الماسية وقد حررت افظع كابوس عاش يوماً !
صمت كازو للحظات وهو ينظر بجدية الى شقيقه الذي بدأ يبكي بحرقة لما فعله ، رغم ان لا ذنب له فيما حدث ولكنه يلوم نفسه اشد اللوم ، ضاقت عينا كازو بأسى واقترب من دان ليعانقه بقوة كبيرة وهو يمسح على شعر رأسه محاولاً التخفيف عنه
تعجب دان من ردة فعل كازو غير المتوقعة ، وحاول استراق النظر لقسمات وجهه ولكنه لم يفلح في هذا ، ولكنه سمع صوت كازو الهادئ يردفُ قائلاً
- هذا ليس خطأك على الاطلاق ، لا تقلق سوف نحبسها من جديد كما فعلنا قبل تسعين عاماً !
- ولكن ..
- بلا ولكن ، والان اخبرني عن تلك الدائرة التي تخرج الدخاخين
خُطف لون دانتاليون فجأة ودفع كازو بعيداً وهو يشيح بناظريه عنه ، شاهد كازو ارتجافه القوي و زمّه الشديد على شفاهه حتى بدأت تدمي من قوة الخوف الذي تملكه في تلك اللحظة
زاد تعجب كازو حينما قام دانتاليون بالضغط على راحة يده التي تخرج الدخاخين ، اقترب منه حالما شعر بالخوف يتسلل الى كيانه ، امسكه من كتفيه وراح يهزه مزمجراً
- هيا دان ! انطق بها ! لما اشعرُ بأنه شيء سيدمر كياني ؟ هيا اخبرني ! لا تبقى صامتاً
نظر اليه بضعف واهتزاز سرعان ما بدأت شفاهه تهتز وهو يحاول النطق بالكلمات الثقيلة
- ان هذه الدائرة ... تمثل ... حياة آيـآمي
انقبض قلبه وشعر بالدوار فجأة ولكنه تماسك حينما اراد اقناع نفسه بأن هذا يعني امراً جيداً وليس فاجعة قد تجلعه يفقد عقله ، ردد باضطراب
- اجل وماذا يعني خروج الدخاخين
ربما كانت تلك الثوانِ التي قضاها دانتاليون وهو يحاول ترتيب ما سيقوله هي اطول سنوات قد شعر كازو بها ، لا يعلم لما قلبه يوشك على التوقف وان الدم قد تجمد في عروقه ، هاجس مرعب قد كثر في نفسه هذه الايام ورغبة في تدمير حبل المصير الذي لم يكتفي بإحلال الفواجع عليه منذ بداية فجر التاريخ
استجمع دان شجاعته لينطق بانكسار واضح قد ارسى الموت على عقل كازو
- يعني بأنها ...
- ماذا ؟!!!!
- ستموت !
توقف الوقت ، وانكسرت المرآة التي تعكس صورته الطافية على المياه العكرة ، صوت دقات قلبه اختفى وعيناه فقدتا النور و احيل كل ما حوله الى الظلام الدامس ، شعر بالصدمة تتخلل الى داخله فتهز كيانه وتجلعه غير قادرٍ على فعل أي شيء ، ازدادت سرعة تنفسه و اضطرب كل ما داخله حتى شعر بعروقه تجفُ من الدم و تتحول الى احجار مصمتة لا حياة فيها ، سيخسرها ؟! اجل سيخسر كل ما اراده يوماً !
ما الذي ينطق به دان ؟ ، ايعني بأنه سيخسر كل ما افتداه في حياته وكل ما احبه ؟!
شد على جذعه الايسر بقوة مهيبة حتى كاد يقتلع قلبه بيديه الاثنتين ، تراجع القهقرى وهو يرتجف بشدة ويشهق بلا اهتمام لما حوله ، اراد الصراخ ولكن صوته لم يخرج ، كل ما في جسده ذبل ومات بلا سابق انذار
شعر بتيار ما يغرقه في بحر من الظلمات والصقيع القارس ، جزء ضخم منه اختفى فجأة وتلك السلاسل احاطته من كل مكان لتشد الضغط عليه حتى تخنقه وتدمر حياته
وقف ليفزع دانتاليون من ملامحه المرعبة ، التفت راكضاً ناحية البوابة كي يذهب ويمنع خطة القدر المدمرة
اراد طمأنة نفسه ، اراد ان يبعد هذه التكهنات التي لا ترسي الا معنى الدمار في حياته ، ندوب قديمة تحيل الموت عليه قد فتحت وشعر بالزمن يتجمد في حلقة الذكريات
حتى وجوه الناس لم يعد يستطيع رؤيتها و رغبة الضياع احتدمت في نفسه بشكل مضاعف هذه المرة
يريد سبباً يدفعه للتوقف عن هذا التفكير السلبي ولكن آثار الحرب من حوله تمنعه ورائحة الدم التي عبق الجو بها جعلته يتخيل جثث عائلته امامه مجدداً
ولكنه توقف فجأة وكأنما هو قد شل تماماً ، انه يشعر به يزحف تحت جلده ، ذلك الهاجس الكئيب المظلم
اختفى كل حوله في لوحة من السواد قد خطتها يدا فنان لم يعرف السلام يوماً ، العذاب هو كل ما حط على عقله
لما يشعر بهذه المشاعر ؟ هو غير قادر على التحديد ، صوتٌ في عقله يقول بأنه سيخسر !
سيخسر ؟ ما الذي سيخسره هذه المرة ؟ ، نفسه ؟! ، آيـآمي ؟!
ان فقد الاخيرة فينتحر من الم فراقها ، هذا ما واكب عقله من الافكار المؤذية للجسد والنفس
يدٌ حانية ربتت على كتفه فعاد الى الواقع مجدداً ، نظر الى ابتسامته الهادئة والتي تبعث السلام على كل القلوب ، ولكنه لم يستطع الابتسام ، ردد من امامه بهدوء
- لا تقلق ساسكي ! انا واثقٌ من كونها بخير ، تفاءل قليلاً
لم يعرف ساسكي سبب ثقة ناروتو الكبيرة بكونها بخير ، دائماً ما يختار الاختيار الذي يبعث الراحة على قلبه ، دون ان يفكر بنتائج اختياره ، قد يكونُ ساذجاً ولكنه صادق وهذا ما يجعل ساسكي يشعر بالأمان معه
ردد بهدوء وقلق بعدها
- لا اعلم ناروتو ، هناك شيءٌ ما في قلبي ، هاجس لا ينبئ بالخير !
لا يستطيع ناروتو انكار حقيقة كونه خائفاً كذلك ، فهي اختفت فجأة ولم يعرفوا وجهتها ، اغمض عينيه باضطراب ولكنه سرعان ما ابتسم قائلاً
- لا تقلق ، ستكون بخير ، اختي قوية جداً
- ولكن قوتها مختومة
- ماذا ؟!!
- الا تعلم هذا ؟
- كلا !
- هكذا اذا
ساد الصمتُ فجأة وسط ضجيج الناس العالي ، ازدرء ناروتو ريقه بصعوبة وبان القلق عليه جلياً ، شعر بوخزات في قلبه لم ترحمه مطلقاً ولكنه حاول ان يتفاءل بعض الشيء حتى لا يجعل ساسكي يموت خوفاً عليها اكثر مما هو شاحبٌ اصلاً
من ناحية اخرى وصلت الى القرية وهي تشهق بشكل مرعب والدموع كادت ان تذيب جلد وجنتيها بحرارتها اللاذعة ، وجهها احمر خوفاً وشحبت يداها وهي تصرخ في كل مكان وسط دهشة الناس من آيـآمي النازفة بين يديها
- تسونادي ! تسونادي ارجوكِ تعالي ! فالينادي احدكم تسونادي بسرعة ! ارجوكم انقذوا ابنتي !
كلهم وقفوا غير قادرين على الحراك وهم يشاهدون الدماء تسيل بشكل مرعب من جسد آيـآمي ، والمرأة التي تحملها قد تعرف عليها بعض شيوخ القرية التي واكبوا حياتها
كلهم صرخوا فجأة وتجمعوا حولها وهم يحاولون ان يشاهدوا ما يحدث لآيـآمي
حاولت الابتعاد وهي تصرخ بأسم تسونادي مستنجدة ، ولكن لا احد استطاع ان يسمع من ضوضاء صراخ الناس المحتشدة حولها
الى حين وصلت تسونادي وابعدت الناس ، تحجرت وبانت الدموع في عينيها وهي تشاهد مارينا واقفةً امامها حية ! ، لا تعرف كيف تصف مشاعرها في تلك اللحظة ، انها تشاهد اقرب شخصٍ اليها حياً مجدداً ، ارادت الابتسام ولكن وجه مارينا الفوضوي قد منعها من ذلك
اقتربت منها بسرعة لتنتبه على آيـآمي شبه الميتة بين يديها ، شهقت وقالت منفعلة
- ما الذي حدث ؟
- لقد سقطت من اعلى جرف ! ارجوكِ تسونادي انقذي ابنتي !
هكذا اجابت مارينا سؤال تسونادي ، بشهيق متبوع ببكاء حاد واليم ، ظهرت الجدية على ملامح تسونادي وقررت ترك موضوع مارينا الى وقتٍ آخر
ازمعتا الى المستشفى حتى وصلتا وقامت تسونادي بإدخال آيـآمي الى غرفة الجراحة لتشرف هي شخصياً على هذه العملية
وصل الخبر الفاجع الى ساسكي وهو واقفٌ مع ناروتو الذي يحاول ان يهدأه ، ترنح وهو يتراجع الى الخلف من هول الصدمة ، امسكه ناروتو حتى لا يسقط على الارض ويؤذي نفسه
ولكن ارتجافه كان مرعباً و ملامحه التي حملت الخوف من الفقدان لم تكن اكثر اثارة لمشاعره من عينيه اللتين اصبحتا سوداوتين تماماً من الخوف ، دفع ناروتو بقوة وازمع ناحية المستشفى حتى يطمئن نفسه عليها
دلف اليه راكضاً في الاروقة والممرضات يحاولن منعه من الركض ولكن بلا فائدة ، حتى توقف مصدوماً
انه يرى مارينا واقفة امامه تضم رأسها بيديها وتنحب بصوتٍ يقطع نياط قلوب حتى اعتى الوحوش
ولكنه شعر برغبة في الانقضاض عليها وقتلها ! ربما لانه شعر بأن لها يداً فيما حصل لآيـآمي
اقترب منها ليجرها من ياقة ملابسها ويصرخ في وجهها غاضباً
- ما الذي فعلتيه لها ؟
صدمت من فعله وانعقد لسانها من التعجب ، حينما شاهد عينيها اللتين احمرتا من شدة البكاء ولونها الشاحب من الخوف تراجع قليلاً وهو يردد في سريرته
- انها تبكي ! ولكن لما ؟
ارتدى قناع الجلمود الصلب وحاول ان لا يلين قلبه لصوت بكائها لخوفها على ابنتها ، اعقب ببعض البرود بعدها
- ما الذي حدث ؟
نظرت اليه بكيان مكسور مهزوز ، انكست رأسها ودحرت كل ذكرياتها دفعة واحدة لتقول بصوتٍ استبد اليأس به
- كنتُ اعتقد بأنني سأتمكن من حمايتها من خطط القدر لها ، ولكني فشلت ، فقد استطاعت آيـآكا ان تحيل خطتها حقيقة واضحة ، واول خطوة كانت اسقاط آيـآمي من فوق جرف عالٍ لسبب لا اعلمه
اهتزت عيناه وتراقص قلبه توتراً ، فهي قد قالت له قبل ان يهاجمهم العدو بأن آيـآكا تستهدفه ولكنه انكر كونها حرة وهذا ما ادى الى هذا الحال الان ! بسبب جهله بالحقائق من حوله وضع في هذا الموقف الذي لا يعلم هل سيستطيع ان يخرج منه بشكل سليم هذه المرة ام لا !
ومن جهة اخرى ، تسونادي واقفة وغير مصدقة لهذه الحالة العجيبة ، حاولت ان تعالجها بشتى الطرق ولكن لا سبيل كي تتمكن من ايقاف النزيف
ابعدت يديها ورددت بإنكار شديد
- رغم ان الدم ينزف بشدة الا ان لا جرح موجود في رأسها ! اذا من اين يخرج الدم ؟
وقفت تنظر لرأسها بثباتٍ وتفكير ، حتى شعرت بشيء ما ملعون في هذا الدم ، شيء في كينونته الخالصة وتحديداً فيما يحتويه ، امرٌ لم تفقه اليه ولم تعرفه بعد ولكنه حقيقي ، لابد ان يكون هذا هو الامر !
قالت في قرارة نفسها بغير تصديق
- يبدو وان رأسها يتخلص من شيء ما في الدم ، شيء ملعون تمتلكه او شيء له علاقة بقوتها ! لا اعلم الامر محير
استجمعت قواها و اعادت وضع يديها على رأسها لتلمع التشاكرا الخضراء في يديها وتغمض عينيها لتضع كل تركيزها على العلاج وحسب
مرت ساعة .. ساعتان ... ثلاث ..
تمكنت تسونادي واخيراً من ايقاف النزيف وقمع الشيء الملعون من ايذاء جسد آيـآمي ، تنفست الصعداء وابتسمت لتسمح على رأس آيـآمي وتردد
- ستكونين بخير الان
ارتكزت ساقها على الارض بطمأنينة محضة ، شعرت بخلايا جسدها ترتخي جاعلة من ثنايا مشاعرها مرتعاً لما تعرفه بالراحة ، كادت ابتسامتها تختفي لولا سماعها صوت تنفس آيـآمي الذي غدا واضحاً ينبئ بالحياة الوضّاحة
تنهّدت ببعض التوتر لتسير بقدميها خارجة من غرفة العمليات لتصبر امامها مارينا وساسكي واقفين وقسمات وجوههما لا تنبئ بالخير مطلقاً
حالما شاهداها انتفضا من اماكنهما لتجدهما هي واقفين امامها بنظرات مفهومها " كيف جرى الامر ؟ "
في البداية لم تبدِ اية تعابير على وجهها فشعرها بألم ما يعتصرهما ولكنها سرعان ما ابتسمت لتردد بصوت هادئ
- لا تقلقا جرى كل شيء بشكل مثالي ، تحتاج الى الراحة فقط
حمّل ضخم انزاح عن كاهليهما ، كلاهما سقط جاثياً على ركبتيه يرمق الفراغ براحة وامتنان ، ولكن ملامح تسونادي سرعان ما اختفت وهي تنظر الى مارينا ببعض القلق ، اعطتها اشارة للحاق بها ففهمت مارينا مقصدها وتبعتها ناحية مكتبها الخاص
اما ساسكي الذي لا يزال جالساً على كراسي المستشفى جلُّ ما يرغب به هو رؤية ابتسامتها مرة اخرى وإلا فأنه لن يطمئن ابداً
قفز من اعلى الجرف الى اسفله ليشم رائحة الدم ، تعرف عليها مباشرة ليتجه ناحيته
صُدم بمقدار الدماء المراقة على ارض الزهور الزرقاء ، شعر وكأنما الحياة تستنزف من جوفه ببطء وهو يرجو ان لا مكروهاً قد حدث
ولكن الصور التي جابت رأسه قد كانت اكثر كابوسٍ رسمه منذ اليوم الذي ادرك فيه معنى الاحلام ، عضّ على شفاهه بشدة وهو يشعر برغبة في الصراخ وتحرير العذاب النفسي الذي يمر به في هذه اللحظات الطويلة
ولكنه حالما شاهد الغيوم تنجرف بعيداً في تيار السماء الهادئ حتى عرف ان القدر يحاول تظليله عن الطريق الذي يجب عليه اتباعه
وهو على اهبة الاستعداد لطرد شياطين قلبه بعيداً ان تطلب الامر فعل هذا
شدّ على قبضته و حاول ان يخفي الارتجاف الذي يطغى على جسده بالكامل والذي غدا شأوه شأو الماء من التربة
قال بصوتٍ جدي تتبعه اهتزازات داخلية
- الطائر الجريح لا يموت من جراحه ، بل من غدر سربه الذي تخلى عنه لظنهم بموته
لم تنزوي المشاعر التي تختلج صدره ولم يكف القدر عن الشماتة بما آل اليه وضعه من الاضطراب ، ربما لم يشعر بهذا الخوف في حياته كلها ، الفقدان لعنة دمرت حياة الكثيرين و بات كابوساً يقرع ناقوس الخطر في أي لحظة ، مرعبٌ حد الضياع !
وضع يده على رقبته ليردد بهدوء يحمل من الطغيان الكثير
- قد يفقد الشخص طريقه ومن يعيده اليه يكون شبحاً !
ثم التمعت في عينيه رغبة قتل آيـآكا التي تكبر كلما مر عقرب الساعة غيهب الضياع والتدمير
لا يعلم لما ولكنه يشعر بأنها في كونوها لسبب ما ، فكر بأن ساسكي قد وجدها ونقلها الى المشفى هناك فأزمع الخطى ناحية كونوها في غيبوبة القلب المتصدع من شروخ السماء الصارخة
كلهم ادركوا ان هذه علامات غضب ساتان ، ولكنهم لم يفقهوا الى السبب بعد
ولكنه كان واقفاً امام البحيرة الماسية والهالة الحمراء قد غطت جسده كله ، حتى تحولت بعض خصلات شعره الى الاسود و ارتسمت شرارة حمراء في عينيه ريثما شعره يتطاير في الهواء بشكل مرعب كان ليقتل أي شخص شاهده
البحيرة الماسية تحولت للاحمرار ولمعانها اصبح اسوداً ، في وسطها ظهر بابٌ مفتوح مكسور الاقفال ومنها عرف ساتان بحقيقة تحرر آيـآكا من الاسر
صراخ ساتان بقوة حتى تصدعت جدران الكهف واهتز القصر عن بكرة ابيه لتتصدع جدرانه وتسقط بعض المنارات المحيطة به
قال بوعيد جحيمي المضمون
- آيـآكا ! هذه المرة سأقتلك بلا ريب ايتها الحقيرة المتعالية !
التفت خارجاً والهالة الحمراء لا تزال تحيط بجسده والغضب جليٌّ على ملامحه المضطربة ، اهتزت روحه وشعر بالسواد يلتهمه حياً بمرارة مكيدة كانت تحاك في رحم العتمة ، استنبط من هذا الشعور كويكباً صغيراً سيسقط شهاباً على قلبه ليدمر كل ما يحمله من السكينة ويحيل نعيمه الكاذب جحيماً تستعر بقهقهة الانتصار الشائك
ولكنه لم يعلم ان في الطريق الى مسامعه مصيبتان مختلفتان تماماً عن مضمون آيـآكا وقد تجعلانه يفقد كل ما تبقى من العقل ، وربما يبدأ عصر حروب المجازر مجدداً ان لم يسيطر على نفسه
فهو دائماً ما كان يفقد تحكمه في نفسه سريعاً ولا يستطيع فعل شيء غير ان يستسلم لغضبه الطاغي على كل عقله ، ولكن نبضات قلبه تخبر بشيء آخر ، لا يستطيع جمع شتات نفسه بالارادة فقط ولا يريد ان يقطع القطعة الوحيدة في قلبه والتي تحمل الاهتمام
ولكنه شاهد كل ما حوله يتحول الى ظلالٍ ظلامية وهو يفقد كل شيء ، تبقى هناك وجوه لا يستطيع رؤيتها و كتابٌ ضخم يحمل بين سطوره قدراً محتم الحصول لجميع من يعيش حياً في احدى العوالم
- تقييد السباع حتى تموت هو فرض كسر شوكتهم على الواقع !
هكذا قالها بصوتٍ اجش و ضمير قد مات منذ الازل
اكمل سيره نافذاً بين الخراب الذي صنعه بغضبه القاتل ولكنه توقف حالما شاهد مادارا واقفاً مستنداً على الجدار ومكتفاً يديه وهو مغمض العينين ينظر قدوم ساتان ناحيته
فتح عينيه ورمق ساتان ببرود ، الاخير لم يفهم المغزى من نظراته فاقترب منه مردداً بعصبية
- هل انتهيت من القضاء عليها ؟
شد مادارا على قبضته ليردد بشكل جدي و مرعب
- علينا ان نتحدث ، ساتان !
ضاقت عينا ساتان لوهلة ، سرعان ما التفتت وقال بهدوء مصطنع
- اتبعني
وسار معه ناحية غرفة منفردة حتى يتحدث معه ويخبره بما يضمر في نفسه
انتشر خبر ما حصل لـ آيـآمي في كل مكان ، حتى وصل الى مسامع ساتان الذي كاد يفقد عقله من المصيبة التي حلت على ابنته وعليه
تفاوت الناس في القدوم الى المشفى لمعرفة حالها ولكنها لم تفتح عينيها بعد
الكل كان على حفى شفرة من السقوط في هاوية لا قعر لها ، واقفون على اطراف اعصابهم لمعرفة ما حصل غير عارفين بأن عيون آيـآكا تلاحقهم في كل مكان يقصدونه واي فعل يحاولون فعله
تشيتوسي و كازو بقيا في عالم البشر حتى يطمئنا على آيـآمي حال استيقاظها وفي نفس الوقت قام ساتان بعلاج جميع ابنائه تحسباً لأي ظرفٍ طارئ
ولا يخفى على لجميع الكره المتبادل بين كازو وساسكي اللذين تشاجرا وسط المشفى وسببا خسائر جسيمة لكل الاطراف
خرج الجميع بعد ان تم طردهم الا كازو الذي تسلل مجدداً الى داخله وجلس على الكرسي المجاور لفراش آيـآمي ممسكاً بيدها وهو يرنو الى ملامحها الهادئة
ابتسم لا شعورياً واقترب منها ليقلبها بين عينيها ويعيد الجلوس ريثما امسك بيدها ووضعها على وجنته وهو يستشعر حرارة جسدها ، ردد بهيام بعدها
- تلاحمات البرق في الافق تنساق الينا بحديث الكاذبين ! هذا ما قلتيه لي من قبل اليس كذلك ؟
ثم ضاقت عيناه بحزن عليها وتسربل رداء الصبور رغم ان اعصاراً هائجاً يلتحم داخله مدمراً كل ما يختلج جوفه من الحبور و الامان
ارخى رأسه على يديه بعد ان جمعهما مع بعضهما ليترك شعره ينسدل حراً عليه مما زاد من وسامته واظهر قلة الصبر التي يتمتع بها في ذاته
اردف ببعض الانكسار والضعف
- ارجوكِ افتحي عينيكِ !
لم يكن احدٌ يعرف ما يحدث داخل رأسها في تلك اللحيظات
برد قارس و رجحان لغلبة الطغيان ، هوان و استسلام ، ايواء لعيون شهلاء قاضية على المشاعر
واكثر من هذا اتيان لمراسيم القدر ، استمال الضعيف ليسقط وسط الخراب الاكيد
تنمر على الروح الضعيفة المكبلة بالسلاسل و احتواءٌ لشر العالم في اخيلة سفك الدماء في جنح الظلام
ولكن احداً لم يسمع صرخات استنجادها بمن هم في خارج سجن نفسها
في وقت الغسق ، استكان العالم في لوحة واحدة من نيران تأججت في حمم السماء واختفت اصواتُ زقزقة العصافير بجهل لسبب ، عليلة هي تلك الفتاة النائمة ومحاولة مداواة العلة قد تستغرق دهوراً طويلة
انامل اهتزت وسط احتدام قلوب الواقفين و استبداد قلق لا يحل الا بعقول المهتمين ، حينما شاهدوا اهتزازاً في اناملها فزعوا واقتربوا من فراشها حتى شاهدوا عينيها تفتحان ببطء شديد
ولكن اكثر القلوب النابضة في تلك اللحظة كانت للتوقف عن النبض من شعورها بالسعادة القصوى فحالما تنكمش المشاكل حتى تصبح في راحة اليد يختفي ضنك الحياة وتعود المياه الى مجاريها مرة اخرى
أنّتْ قليلاً بفعل الالم ولكنها سرعان ما فتحت عينيها لتبدأ برمق الجميع بنظراتٍ معجبة
تجمعوا حولها وهم يرددون اسمها و فيهم من اغرورقت عيناه بالدموع من الفرح
اردفت ببعض الالم
- اين انا ؟!
صمت الجميع لوهلة حتى اقرب ساسكي وجلس على اطراف سريرها مبتسماً بهدوء وهو يربت على رأسها معقباً
- في المستشفى ، جلبناكِ الى هنا بعد الذي حصل
بدت وكأنها لم تفقه الى ما يقوله ولكنها اعتدلت في جلوسها فجأة ليساعدها ساسكي في ذلك ، بقيت فترةً وهي ترمقهم محاولة ايجاد شيءٍ ما حتى استبد اليأس بها و اسبغت كل اهتمامها على المعلومات التي تنتشي في رأسها بصوت الالهام
اعقبت بسؤالٍ كان كالصاعقة على مسامعهم
- من تكونون ؟ و من انا ؟
صمت الجميع و شعروا بأصواتهم تختفي من بين حلوقهم ، رنين مزعج دوى في اذانهم وعيونهم منبلجة على مصراعيها تحاول البحث عن خدعة وسط السكون
اقترب تشيتوسي منها غير مدرك انها لا تمزح معهم ليردد قائلاً
- آيـآمي هذا ليس وقت المزاح ! لا تفعلي مثل هذه الترهات
تعجبت مما يقوله لها ، جفلت بعيونها عدة مرات حتى رددت بنبرة معتذرة
- آسفة ان ازعجتك ولكني حقاً لا اعلم من تكونون
ثلاثة كانوا في اوج اطوار الصدمة ، مارينا ، ساسكي و كازو اللذيم لم يستطيعوا ان ينبسوا ببنت شفة قد تراجعوا القهقرى منكرين لما حدث
الا ان ازمع ساسكي ناحيتها وبدأ يهزها بشكل هستيري صارخاً
- لا تبدأي هذا ! قولي لي بأنكِ لم تنسيني ! قولي بأنها مزحة ثقيلة وحسب ! لا تفعلي هذا بي آيـآمي انا رجوكِ !
شعر كازو بالغضب فذهب ناحيته ودفعه بعيداً عن آيـآمي التي كانت مصدومة وغير قادرة على التحرك او الكلام ، اقتربت منها مارينا بسرعة وعانقتها وهي تبكي قائلة
- آسفة ! ان هذا خطأي انا ! لو حميتك بشكل افضل لما حدث هذا الامر ، اعذريني يا صغيرتي
لم تعرف آيـآمي لما ولكنها استطاعت ان تدرك كون هذه المرأة هي والدتها ، بادلتها العناق وقالت بصوت دال على رغبتها في التأكد
- امي ؟!
ابتعدت عنها متفاجئة ، ابتسمت لا شعورياً وهي تردف قائلة
- هل تعرفتي علي ؟
صمتت لوهلة فأدرك مارينا ان الكلمة خرجت من فاها بلا شعور اكيد بقرب الشخص منها ، حنت ابتسامتها ومسحت على رأسها لتضع جبينها على جبين آيـآما وتردد
- لا تقلقي سنجد حلاً لفقداتك ذاكرتك
ابتسمت آيـآمي بهدوء واقترب منها ناروتو وايتاتشي ليحدثاها ، لم ينتبه احدٌ على ساسكي الذي خرج من الغرفة والقهر ينهش في لحمه محيياً كوابيس دفنها تحت تراب الذكريات
خرج كازو خلفه حالما افتقده في المكان ليجده يلكم الجدار بقوة وهو يصرخ
- تباً لي ! تباً لي ! ما كان علي ان اتركها لوحدها ! ما كان علي ان انكر كون آيـآكا تلاحقها ! هذا كله بسببي انا ! اللعنة علي
ضاقت عينا كازو بحنق ولكنها تحولت لتعجبٍ حالما بدأ ساسكي يضرب رأسه بالجدار حتى بدأت الدماء تسيل منه ، اسرع ناحيته وامسك به مبعداً اياه عن الجدار وهو يصرخ في وجهه
- ما الذي تفعله أيها الاحمق ؟! اتظن بأن فعلك هذا سيزيح الهم من على كاهليك ؟
استشاط ساسكي غضباَ وصرخ في وجه كازو
- وما دخلك ايها المعتوه اتركني افعل ما اريده
زاد غضب كازو ليردف بنفس الغضب
- الا يمكنك ان تترك الحقد لمرة ؟! ايها البليد عديم العقل !
- لا تقل هذا لي ايها القرد الراقص !
- وكأني اهتم ان كسرت رأسك ومت ! في الواقع كنتُ لادعك تفعل هذا فأنت تسديني معروفاً ايها الاميبا !
- ماذا ؟؟!!! اذا لما لم تتركني افعل هذا ؟! ها ؟!!
- من اجل آيـآمي !
- ماذا؟
صمت كلاهما لبرهة ليردف كازو بعدها
- لا اريد ان ارى اليأس في عينيها حينما تدرك انك زهدت بحياتك غير آبهٍ بمن حولك ، لن اتحمل ان اراها تعيش حياة الندم والخسران
تفاجئ ساسكي بكلمات كازو ، بدون ان يشعر قال
- انت .. لما ..
قاطعه لتلمع في عينيه بريق غريب لم يعرف ساسكي مصدره الا حينما اردف قائلاً
- لاني اعشقها ! انها كل حياتي !
ارتسمت ملامح الفاجعة على قسمات ساسكي و خُرس تماماً غير قادرٍ على الكلام ، افلت كازو يديه وسار ناحية الغرفة مجدداً وهو يقول
- سأبقى احبها الى السرمدية النهائية ! وان زهدت فيها كما فعلت الان فلن اتردد في اخذها منك والتخلص من وجودك بيننا للأبد !
لم يستطع ساسكي ان يرد على كلمات كازو ، رغم ان عينيه كانتا متسعتين بشكل مرعب وملامح الصدمة باقية عليه ، الا ان ناراً غريبة اشتعلت في قلبه حالما تخيل سرقة كازو لـ آيـآمي من بين يديه
صكَ اسنانه مع بعضها حتى اصدرت صريراً مزعجاً وزاد توعده لكازو في خبايا اسرار نفسه المسبورة في وجه دائم الغرور
طرد كلٌ من كازو وتشيتوسي كل من في الغرفة عد مارينا وساسكي الذي دلف اليها مجدداً بوجه حاقد على وجود كازو في هذه الحياة
رغم انه احتضن الليل بسربلة الحرير على مشاعره الدفينة ، الا ان الضغائن تحتدم داخله تجاه هذا الكيان الذي يحاول مشاطرته ما يتملكه روحياً وان اراد جسدياً !
على اثر ما سمعه منه عليه ان يحذر الان ، فربما يقدم على خطة ساحقة تنهي كل احلامه المنبثقة من عبير زهور الوقت الفاني ، شعر برغبة في دفنه في تابوتِ حجري ودفنه تحت الارض لعله يسلم منه الى الازل ، تنهد لتنتبه آيـآمي المحدقة في الفراغ عليه
ابتسمت بهدوء لتعقب قائلة برنة استطاعت ان تطرد الاشباح من عقله الموسوس بالشر
- تبدو منزعجاً يا ... ما كان اسمك ... اجل .. ساسكي ! ، هل انتَ بخير ؟
حالما نطقت باسمه شعر بشعور ما يتدفق الى جوفه ومن حيث لم يعلم خرَّ عليها معانقاً اياها بشوق كبير وكأنه لم يرها منذ سنوات سحيقة ، ابتسم الجميع عدا كازو الذي زمّ على شفاهه واشاح بناظريه بعيداً عنهما ، لن يتحمل رؤيتها مع غيره مطلقاً
رغم ان هذا البهو متشح بكآبة مسربلة على كل ما فيه الا انه وجد السكينة هنا لسبب لم يعرفه
اسند رأسه على الكرسي وهو يخرج لفحة هواء سامة من جوفه المليء بالخطايا ، استوى على نفسه متقاعساً في العمل ونافراً عن كل شيء موجود
سمع صوت وقع اقدام دانتاليون ففتح عينيه ليجده واقفاً اماه بلا تعابير على وجه ، ضاقت عيناه وهو يراه حاملاً خنجراً في يده
ادرك الموضوع حينما جلس دانتاليون على ركبته وممداً رجله الاخرى باحترام وهو يرفع الخنجر ناحية والده معقباً
- ارجوك يا والدي ، طهرني من الذنب الذي دنستُ به نفسي واعفني عن الحياة بطعنة من يديك تقتلني بها فوراً
احتدت عينا ساتان ووقف متجهاً ناحية دانتاليون الى حين وقف امامه تماماً وانتشل الخنجر من يده لتتحول احدى عينيه الى الاحمر الصارخ
لم يبدِ أي نوعٍ من المشاعر ولم تظهر شفقة على وجهه ، وقف دانتاليون امام والده مغمض العينين منتظر الموت في صومعة سرمدية من التذليل لنفسه والتحقير للعمل الذي قام به
رفع ساتان الخنجر عالياً وهوى به طاعناً ، شعر دان بسائل دافئ قد تناثر على وجهه وشعر بجفاف غريب في جوفه
فتح عينيه ضاناً بأن والده قد قتله وانهى الامر ، الا انه صدم حينما شاهد ساتان يطعن يده مراراً وتكراراً بالخنجر الذي اختفت معالمه من كثرة الدماء
فزع دان وامسك بالخنجر من بين يدي والده وهو يقول بانفعال
- لما فعلت هذا يا والدي ؟ يجب ان تعاقبني انا وليس نفسك !
اشاح ساتان بوجهه بغرور وهو يردف قائلاً
- لم تكن انت السبب دان ، كله خطأي انا !
- ماذا ؟!
- لاني اهملت حقيقة كون الختم اصبح ضعيفاً ولم اقم بتجديده مما سبب هذه المشكلة الان !
صمت دان ولم يعرف كيف يجيبُ على كلام والده ، هو يلوم نفسه ووالده يلوم نفسه كذلك ، انها دائرة لا متناهية من الشعور باللوم تجاه المعضلة ، ولا يمكن لهم ان يحددوا حقاً الجاني فتركوا انفسهم عرضة لتملك الصعاب لحبل الاماني !
الندم
وحشٌ ضارٍ لا ينفك يغرقك في بحر من المياه السوداء حتى تستكفي غريقاً
ويحول كل ما امامك الى كومة من الرماد المحروق الفاني
تجره الرياح ناحية المذبحة التي اعدها له سلطان الجنون
وحينما ينتهي من جمع كومة عظامك المبعزقة فأنك تحوم هائماً بروح لا جوف لها
وحيداً في عذاب ازلي من الشعور بالثقل والذنب
كلها مما يعرفه الناس ويشعرون به اكثر من غيرهم ، يحبون لوم انفسهم ولكن حالما يجدون شخصاً يمكنهم القاء اللوم عليه فأنهم يتملصون مما يفعلونه ويختارون الراحة في مقابل دفع احد الى حافة الجنون
في جهة اخرى من القصر
كان اراشي في مختبره الخاص بعدما شفى والده كل جراحه وعلله وجعله افضل من السابق بكثير ، ارتدى رداء المعامل وامسك بسكين الجراحة ليتجه ناحية رجل شبه عارٍ ومعلق على الجدار بسلاسل تكبل يديه وقدميه
حالما ادرك الرجل وصول اراشي اليه حاول الصراخ ولكنه نسي بأن اراشي قطع لسانه قبل بضع ساعات ووضعه في محلول حمضي ليتحلل ببطء امام ناظريه
هز الرجل كامل جسده محاولاً الفرار ولكنه لم يستطع ان يفك قيده ، اقترب اراشي منه بابتسامة ابليسية مرعبة ليقف امامه مباشرة وهو يقول بصوتٍ مرح
- لا تقلق يا علقتي الصغيرة الجميلة ، يا حقيبة اللحم والدماء انتِ ، سأعاملكِ برقة يا اميرتي الدموية واجعل موتك في تاريخي الخاص من الجمال الدموي الساحق
اغرورقت عينا الرجل بالدموع ، اراد ان يموت في الحال ولا يتعرض لتعذيب اراشي المستبد ، لم يحب اراشي طريقة نظر الرجل له فوضع السكين في جيبه و ادخل اصابعه في عيني الرجل حتى فقأهما تماماً ولم يعد الرجل قادراً على الرؤية
بعدها امسك بالسكين مجدداً وبدأ بشق جلده والرجل يحاول ان يتملص من هذا العذاب الجحيمي ولكن بدون فائدة
من ناحية اخرى كان كاريو جالساً يقرأ كتاباً عن التشريح ، حالماً شاهد تعليمات التشريح حتى امسك بسكينه الخاص وخلع قميصه ليبدأ التجربة على نفسه ، كان سعيداً جداً حينما استطاع اقتلاع طحاله والنظر اليه لفترة من الزمن ، ولم يكفه ان ينتزع قلبه بيديه ويضعه على المنضدة كي يتأمل في كيفية نبضه
ولكنه شعر بالملل بعدها فقام بطعن فخذه بالسكين مراراً وتكراراً وهو يبتسم ويقهقه بنشوة مرعبة ومقززة
شعر اراشي ببعض العصبية منه فترك الرجل الذي اصبح ميتاً بالفعل واتجه ناحية كاريو ليمسك بالسكين من يده ويطعن عينه اليمنى بها وهو يصرخ به مزمجراً
- ايها اللعين المقزز ! اترك معملي نظيفاً من دمائك الملعونة هذه !
- ولكني ارغب بالحصول على وقت المرح الخاص بي
- لا اهتم بهذا ! اذهب ودع هيرو يعذبك كما يحلو ولكن اترك معملي !
- لا تزال غاضباً على لوحة السلم الجثثي اذا ؟
- لا تذكرها بلسانك غير الفني ايها اللعين
- هه لا استطيع الا ان استهزأ بك ايها الاحمق
- اونسيت علاقتنا التكافلية بهذه السرعة ؟
- كلا ، ولكن هذا لا يمنعني من التلاعب بمشاعرك
- احمق !
في لحظة فتح الباب ليدلف هيرو حاملاً بين يديه جثثاً مقطعة الرؤوس وبعضها الاخر مقطع الاطراف
القاها على الارض و الابتسامة قد شقت وجهه من السعادة والحماسة ، ردد مستمتعاً
- اترى يا اراشي ؟ لقد جلبت لك عينات اختبار جميلة ! رغم بأني رسمت توقيعي عليها حتى احفظ حقوقي التجارية
تعجب اراشي من كلامه ثم ردد ساخراً
- أي علامة تجارية ايها الاحمق ، تجعلني اشعر وكأنما انت رئيس شركة ساتان وأعوانه للتجارة بالجثث والأعضاء !
ظهر الانبهار على وجه هيرو للحظات ليصرخ بعدها متحمساً
- يا لها من فكرة عبقرية فذة ! اجل يجب علينا افتتاح شركة للمتاجرة بالجثث وهكذا نقتل ما يحلو لنا كل يوم !
شعر كاريو في تلك اللحظة بأنه اكثرهم امتلاكاً للعقل السليم ، فضحك قائلاً
- لا استطيع فهم الجمال في الجثث الميتة ! لابد وانكم ترون اشياء لا نستطيع رؤيتها
اقترب اراشي من هيرو وامسك به من كتفه ليقول بفخر
- نحن الاثنان شركاء جريمة قتل وذبح وسفح كل مخلوق على وجه هذا العالم قبل اربع مئة سنة ، عذبتنا وقتلنا وسلخنا وعرفنا كيف ان الجثث بديعة الجمال في تكوين الدماء الخاص بها ! وحالما تبدأ التحلل فأن الرائحة المنبعثة منها والتي تدل على الموت تكون كتأثير المخدرات بالنسبة لي ، وانا على اتم الاستعداد للتخلي عن متطلبات الحياة من اجل ان اعيش على تلة مليئة بالجثث التي استطيع تشريحها يومياً !
دفع هيرو اراشي بعيداً عنه وهو يشعر بالتقزز من كلام شقيقه غير المنطقي ، صرخ في وجهه بعدها
- ايها اللعين ! أي عقل مختل تمتلكه ؟ ، من أي تجلب هذه الافكار الدموية ؟
خلل اراشي اصابعه في شعره ليحركه بغرور وابتسامة رسمت على وجهه ليقول بعدها بصوت مغناج ومتمايع بمصير الضحايا
- الا تعلمن ان القدر يحبني ؟ وان الدماء التي اسفكها هي ضنك عيشي ؟ ، انا من صنع من قلوبهم طعاماً شهيا ! انا الذي استخدمت جلودهم في صنع ارقى الثياب ! و شربت دمائهم في ليلة عشاء النبلاء ! لن اكف عن عملي فأنا اراشي – دونو ! من لا يعرف اسمعي هو السفيه بعينه !
لم يفهم كلٌ من كاريو و هيرو علاقة هذا الكلام بالسؤال الذي طرح ، تجاهلا وجوده ليقول كاريو
- هيرو تعال وعذبني قليلاً ، مرت فترة لم اشعر فيها بحدة سيوفك
تحمس هيرو للفكرة وانتشل سيفه من غمده وهو يردد بغرور
- كما تحب كاريو ، سأصنع منك كباباً مبهراً
ادرك اراشي بأنهما تجاهلا وجوده فصرخ بحدة وبلاهة
- لا تتجاهلا وجودي ايها الاغبياء !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق